فجوة الثقة والنمو: كيف تسببت تعريفات ترامب في تشويه المشهد الاقتصادي العالمي

سلّط تقرير حديث صادر عن “يو بي إس” الضوء على التأثيرات المتشابكة للتعريفات الجمركية التي فُرضت خلال فترة إدارة ترامب، والتي لا تزال تلقي بظلالها على الثقة الاقتصادية العالمية ومؤشرات النمو، رغم مرور الوقت وتغير السياسات.
بحسب المحللين، خلقت هذه التعريفات موجات من الارتباك والاختلال في البيانات الاقتصادية العالمية، حيث بدت الولايات المتحدة أكثر تأثرًا من غيرها، نتيجة ليس فقط لتعدد الرسوم المفروضة على شركائها التجاريين، بل أيضًا لوجود حالة من عدم اليقين الداخلي المرتبط بالسياسات المالية والاقتصادية العامة.
ففي الوقت الذي تراجعت فيه استطلاعات الثقة في الولايات المتحدة بمقدار انحرافين معياريين منذ بداية العام، بالكاد تحركت تلك الخاصة بأوروبا.
ويُعزى هذا الفارق إلى اتساع نطاق الصدمات الاقتصادية في أمريكا مقارنة بنظرائها.
ومع بدء تخفيف بعض الرسوم الجمركية على الصين، شهدت مؤشرات الثقة الأمريكية تحسنًا طفيفًا، لكنها لا تزال أقل بكثير من مستوياتها في بداية العام.
وأوضح التقرير أن هذا التحسن النسبي كان ناتجًا عن تراجع التفاؤل المفرط في نهاية العام الماضي لدى الشركات، في حين سجّل المستهلكون تراجعًا مباشرًا في ثقتهم.
وعلى الصعيد العالمي، تدهورت ثقة الأعمال بشكل أكبر مقارنة بباقي المؤشرات، تلتها مؤشرات قطاع الخدمات، ثم ثقة المستهلكين وقطاع التصنيع.
وبيّن التقرير أن بعض هذه المؤشرات قد تلقت دعمًا مؤقتًا من ديناميكيات الاستباق، لكن ضعف الأداء في مايو كشف عن عمق المشكلة.
ما يثير القلق بشكل خاص هو التباعد الحاد بين البيانات “الصلبة” و”الناعمة” عالميًا. فالبيانات الصلبة — مثل الناتج المحلي الإجمالي والإنتاج الصناعي — تشير إلى نمو بنسبة 3.6% حتى أبريل، بينما تشير البيانات الناعمة — مثل الاستطلاعات والمؤشرات التقديرية — إلى نمو متواضع لا يتعدى 1.3%. ورغم التحسن الطفيف في مايو، تبقى الفجوة عند أعلى مستوياتها منذ 27 عامًا، باستثناء مرحلة جائحة كورونا.
في الأسواق الناشئة، بدت ثقة المستهلك أكثر تماسكًا بل وتحسنًا، رغم التوترات التجارية، على عكس الأسواق المتقدمة التي شهدت تراجعًا حادًا، خصوصًا في قطاع التصنيع.
وتُعد الولايات المتحدة مرة أخرى محور هذا التباين: ففي حين تحسنت البيانات الصلبة هناك بنحو انحراف معياري واحد منذ بداية 2025، تراجعت المؤشرات الرائدة بنصف انحراف معياري، ما ينذر بضعف مرتقب في النشاط الاقتصادي.
ويحذّر تقرير “يو بي إس” من أن الأثر الكامل للتعريفات الجمركية لم يظهر بعد، مؤكدًا أن الزيادات المستقبلية في الأسعار قد تُفاقم من تراجع الاستهلاك والاستثمار.
وبينما من المتوقع أن تبدأ الفجوة بين البيانات الصلبة والناعمة في التقلص، تبقى الشكوك قائمة حول مدى دقة التقديرات الاقتصادية المستقبلية في ظل استمرار تأثير هذه السياسات التجارية.