Bitget Banner
الاقتصادية

من لندن إلى دبي..وجهة جديدة لأثرياء العالم ومخاوف اقتصادية بريطانية

تحوّل صمت الأثرياء في بريطانيا إلى رسائل مغادرة صاخبة، مع تزايد أعداد أصحاب الثروات الذين يحزمون حقائبهم ويغادرون المملكة المتحدة بوتيرة غير مسبوقة.

ما كان يُنظر إليه سابقًا على أنه تهديد نظري، أصبح اليوم واقعًا اقتصاديًا يتفاقم، وينذر بتبعات جسيمة على المالية العامة، وسط سياسات ضريبية جديدة تنفّر أصحاب الدخول المرتفعة.

منذ عام 2024، باتت بريطانيا تشهد واحدة من أكبر موجات هجرة الأثرياء في تاريخها الحديث، في وقت لا تزال فيه لندن تعاني تداعيات “بريكست” وتقلبات الحرب التجارية العالمية.

قبل أن يستلم حزب العمال زمام الحكم، كان بنك “يو بي إس” السويسري قد حذّر من أن بريطانيا ستتصدر قائمة الدول الـ56 الأكثر خسارة لأصحاب الملايين بحلول عام 2028.

وأكدت شركة “هينلي وشركاه”، المختصة في تنقلات الأثرياء، هذا الاتجاه حين كشفت أن نحو 11 ألف مليونير غادروا بريطانيا في عام واحد فقط.

وأظهرت بيانات جديدة من “بلومبرغ” أن الظاهرة تمتد إلى النخبة الإدارية في كبرى الشركات، حيث انتقل نحو 4400 عضو مجلس إدارة إلى خارج البلاد خلال العام الماضي، بعد تحليل أكثر من 5 ملايين ملف شركة.

ويُعتقد أن هذه الهجرة تشمل بريطانيين وغير مقيمين تضرروا من التعديلات الضريبية الأخيرة.

و في أبريل 2024، قامت الحكومة البريطانية بإلغاء نظام الامتيازات الضريبية لغير المقيمين، وهو نظام امتد لأكثر من قرنين.

وقد تم استبداله بنظام جديد يربط الإعفاءات الضريبية بالإقامة، ويمنح الأثرياء الجدد إعفاء مؤقتًا لمدة أربع سنوات فقط، قبل أن تُفرض عليهم ضرائب على جميع ممتلكاتهم العالمية، بما في ذلك ضرائب الميراث، ولمدة قد تصل إلى عشر سنوات حتى بعد مغادرتهم البلاد.

الإجراءات الصارمة هذه، التي بدأت مع وزير المالية السابق جيريمي هانت، وتوسعت تحت إشراف الوزيرة الحالية ريتشل ريفز، أثارت موجة غضب بين الأثرياء الذين باتوا ينظرون إلى وجهات بديلة أكثر ترحيبًا مثل دبي.

وفيما تخسر لندن ثروات وخبرات، تحتفل دبي بكونها وجهة الأثرياء الصاعدة. فقد أصبح البريطانيون ثاني أكبر مشترٍ أجنبي للعقارات في الإمارة خلال العام الماضي، بحسب تصريحات فيليب أمارانتي، الشريك الإداري لـ”هينلي وشركاه” في الشرق الأوسط، الذي أكد أن الإمارات تقدم منظومة هجرة مرنة وسريعة، تُسهل تأسيس الشركات وفتح الحسابات المصرفية خلال أيام قليلة.

حتى الأسر الثرية التي كانت تسعى لتعليم أبنائها في مدارس بريطانية مرموقة، بدأت تحوّل بوصلتها إلى دبي، في تغيير واضح في أنماط الهجرة العالمية للأثرياء.

وزارة الخزانة البريطانية تدرك المخاطر، لكنها تراهن على أن الإيرادات الضريبية من التعديلات الجديدة ستصل إلى 5.2 مليار جنيه إسترليني سنويًا بحلول نهاية العقد.

غير أن هذا التقدير لا يأخذ بعين الاعتبار الأثر الواسع لهجرة رؤوس الأموال على الاقتصاد والاستثمارات وسوق العمل.

ووفقًا لمكتب مسؤولية الميزانية (OBR)، فإن التوقعات تشير إلى مغادرة 12% من غير المقيمين غير المرتبطين بصناديق استئمانية، و25% ممن لديهم هذه الصناديق، محذرًا من صعوبة التنبؤ بالاستجابات السلوكية بشكل دقيق.

حتى بعد إدخال بعض التعديلات على النظام الضريبي في محاولة لاحتواء الغضب، أشار المكتب إلى أن تلك التغييرات لم تكن ذات أثر ملموس على توقعاته السابقة.

وتعتمد المملكة المتحدة بشكل كبير على الأثرياء في تمويل ميزانيتها، إذ يدفع أعلى 1% من أصحاب الدخل حوالي 28% من إجمالي ضريبة الدخل، بينما يساهم أعلى 10% بنحو 60% من الإيرادات. لذلك، فإن نزوح عدد كبير من هؤلاء قد يترك فجوة مالية هائلة.

ووفقًا لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال، فإن مغادرة نصف دافعي الضرائب غير المقيمين قد تُكبد الحكومة البريطانية خسارة تصل إلى 12.2 مليار جنيه إسترليني سنويًا بحلول نهاية العقد، في سيناريو يُنذر بتحولات هيكلية عميقة في مستقبل الاقتصاد البريطاني.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى