نصف المقاولات الناشئة في المغرب تنهار قبل عامها الخامس

تتصاعد التحذيرات بشأن التداعيات الاقتصادية الخطيرة لإفلاس المقاولات الصغيرة في المغرب، وهي الفئة التي تشكل العمود الفقري للنسيج الإنتاجي الوطني. ففي عام 2023 وحده، شهد المغرب إفلاس 33 ألف مقاولة، 99% منها من المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
ورغم هذه الأرقام المقلقة، يرى فاعلون اقتصاديون أن غياب تدخل حكومي فعال قد يرفع هذا الرقم إلى أكثر من 40 ألف مقاولة خلال سنة 2024.
و تعد المقاولات الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، إذ تساهم في خلق فرص الشغل وتعزيز الابتكار والتنويع الاقتصادي.
غير أن هذه الفئة تواجه عقبات حادة تتراوح بين صعوبة الولوج إلى التمويل، والآثار الممتدة للأزمات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك تداعيات جائحة كوفيد-19، وتأثير الجفاف، والتوترات الاقتصادية الدولية.
وفي هذا السياق، أقر وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، بأن هذه المقاولات تمثل 26% من إجمالي رقم المعاملات و35% من القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني.
ومع ذلك، أكد أن إفلاس المقاولات يظل “ظاهرة طبيعية” تحدث في السنوات الأولى من نشاطها، مشيرًا إلى أن 50% من حالات الإفلاس تطال مقاولات لم يتجاوز عمرها خمس سنوات.
ورغم الضغوط المتزايدة، تؤكد الحكومة أنها تعمل على دعم هذه المقاولات من خلال برامج مثل “تحفيز” و”إدماج”، إضافة إلى مبادرات تكوينية وتشبيكية تهدف إلى تعزيز قدرات المقاولين.
كما تم إطلاق برنامج “أنا مقاول”، الذي يوفر دعماً تقنياً وتمويلياً للمقاولات الناشئة، حيث تستفيد المقاولات الصغيرة جدًا من خدمات استشارية تصل تكلفتها إلى 100,000 درهم، فيما يُخصص للمقاولين الذاتيين دعمٌ للتكوين والإدارة يصل إلى 10,000 درهم.
كما شملت التدابير الحكومية دعم الانتقال إلى القطاع الرسمي من خلال تسهيلات ضريبية وتمويلية، بالإضافة إلى دعم الإيجار للمقاولات غير المهيكلة بنسبة تصل إلى 50% من سومة الكراء، بحد أقصى 10,000 درهم.
في ظل هذه المعطيات، يبقى التساؤل قائماً حول مدى نجاعة هذه الإجراءات في وقف نزيف الإفلاس. فرغم جهود الحكومة، لا تزال المقاولات الصغيرة تواجه صعوبات هيكلية، مما يستدعي مراجعة أعمق للسياسات الاقتصادية والتمويلية لضمان استدامة هذه المقاولات وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية.