مستقبل التوظيف: التحول نحو القوى العاملة القائمة على المهارات

يشهد سوق العمل في الوقت الراهن تحولًا جذريًا، مدفوعًا بالتطورات التكنولوجية السريعة التي تخلق مزيجًا من الإثارة والقلق وعدم اليقين.
وفقًا لتقرير “مستقبل الوظائف” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن تتغير حوالي 39% من المهارات الحالية للموظفين أو تصبح غير ملائمة بحلول عام 2030.
و يشكل هذا التغيير تحديًا كبيرًا أمام الشركات والأفراد، مما يستدعي استعدادًا استباقيًا لمواكبة التحولات القادمة.
مع تزايد هذه التغيرات، أصبح التوظيف المبني على المهارات أداة أساسية لضمان جاهزية القوى العاملة لمهن قد لا تكون قد ظهرت بعد.
و يسمح هذا النهج للشركات باستقطاب المرشحين القادرين على التكيف مع وظائف المستقبل، ويساعدها في مواجهة تحديات سوق العمل المتغير واستثمار الفرص المتاحة.
من خلال التركيز على المهارات الأساسية اللازمة للنجاح والقدرة على التكيف، يمكن لأصحاب العمل بناء قوى عاملة مرنة، قادرة على التعلم والتكيف مع وتيرة التغيير السريعة.
وقد باتت النقاشات حول التوظيف القائم على المهارات في ازدياد، مما جعل هذا الموضوع من أبرز اهتمامات عناوين أخبار الموارد البشرية والتوظيف.
لطالما كان سوق العمل يدور حول الوظائف الثابتة والمسميات الوظيفية، حيث تحدد المسؤوليات ضمن هيكل تنظيمي جامد. لكن اليوم، بدأ العديد من المؤسسات في إعطاء الأولوية للمهارات بدلاً من الأدوار الوظيفية في تخطيط وإدارة مواردها البشرية، وهو ما يُعرف بنموذج القوى العاملة القائمة على المهارات.
شركة “ديلويت” أشارت إلى أن هذا النموذج “يحرر العمل والعاملين من قيود الوظيفة”، حيث يُنظر إلى الموظفين على أنهم أفراد يمتلكون قدرات متنوعة تتجاوز حدود مسمياتهم الوظيفية. هذا التحول يؤدي إلى بيئة عمل أكثر مرونة وديناميكية، ما يسمح بإعادة توزيع المهام بطرق أكثر كفاءة وفعالية.
مع التغيرات المتسارعة في بيئة العمل، تحتاج المؤسسات إلى استراتيجيات مرنة لتواكب المستقبل. عندما تصبح المهارات، وليس المسميات الوظيفية، هي الأساس في التوظيف، تصبح الشركات أقل بيروقراطية وأكثر قدرة على التكيف.
و حسب دراسة أجرتها “ديلويت”، فإن الشركات التي تعتمد على المهارات تزيد احتمالية تحليها بالمرونة بنسبة 57% مقارنة بالشركات التي تعتمد على الوظائف التقليدية.
إن التحول نحو القوى العاملة القائمة على المهارات يستدعي أن تركز الشركات على مهارات محددة عند التوظيف. لا يجب أن يكون البحث عن المرشحين قائمًا على عدد سنوات الخبرة في دور معين، بل يجب أن يكون مرهونًا بقدرة المرشح على اكتساب المهارات الجديدة والتكيف مع بيئة العمل المتغيرة.
بينما تتغير المهارات التقنية بمرور الوقت، تظل المهارات البشرية مثل بناء العلاقات، والتفكير النقدي، والقدرة على التعلم السريع، والعمل الجماعي، جوهرية.
تستخدم منصة “TestGorilla” التوظيف القائم على المهارات كمعيار أساسي في جميع عمليات التوظيف. يتم إزالة متطلبات الشهادات والخبرة من قوائم الوظائف، مما يسمح بتقييم المهارات الفعلية للمرشحين.
يساعد هذا النهج في تخطيط التدريب والتطوير المهني بناءً على احتياجات كل فرد، ويعزز التنقل الداخلي داخل المؤسسات، حيث يمكن للموظفين الانتقال إلى أقسام جديدة بناءً على مهاراتهم وليس خبراتهم السابقة.
كما يسمح هذا النموذج للشركات بتوظيف أشخاص من خلفيات غير تقليدية، مثل توظيف أخصائي وسائل التواصل الاجتماعي الذي كان في السابق رجل إطفاء.
في عالم الأعمال المتغير، لا تزال هناك وظائف لم تُخلق بعد. لذا ينبغي على الشركات أن تركز على توظيف المرشحين الذين يمتلكون المهارات التي تضمن النجاح والمرونة، بدلاً من الاقتصار على المؤهلات التقليدية.
إن الاستثمار في القوى العاملة القائمة على المهارات يعزز قدرة المؤسسات على مواجهة التغيرات والتحديات المستقبلية بثقة وفعالية.