وزارة الداخلية تعتمد الطائرات بدون طيار لمراقبة مخالفات البناء غير المرخص

في تحول لافت في أساليب مراقبة التعمير، بدأت السلطات المغربية في توظيف تقنيات متطورة كطائرات الدرون وصور الأقمار الاصطناعية، للحد من ظاهرة البناء العشوائي التي ما تزال تؤرق كبريات المدن مثل الدار البيضاء وطنجة والخميسات.
لأول مرة، تقر وزارة الداخلية رسميًا باستخدام طائرات بدون طيار لرصد المباني غير المرخصة في جماعة الكنزرة بإقليم الخميسات.
في رد برلماني وجهته النائبة سكينة لحموش، كشف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت عن اعتماد السلطات المحلية بشكل مكثف على الطائرات المسيرة لتغطية مناطق يصعب الوصول إليها ميدانيًا، مستفيدة من الدقة العالية التي توفرها الصور الجوية.
وتُستخدم هذه الدرونات لتحديث قواعد البيانات العمرانية بشكل مستمر، مما يتيح للجان المراقبة رصد أي مخالفات فور حدوثها.
أما صور الأقمار الاصطناعية، فهي توفّر خريطة متكاملة لمناطق التوسع الحضري والريفي، وتساعد على تتبع التغيرات العمرانية من زاوية شمولية. وقد سجلت السلطات خلال النصف الثاني من السنة الماضية بجماعة الكنزرة 20 حالة بناء جديدة، منها 14 مبنية دون ترخيص، استنادًا إلى هذه الصور.
هذه المعطيات لم تكن لتتوفر بسهولة في السابق، لكنها اليوم تمكّن السلطات من اتخاذ قرارات زجرية مدعومة بالأدلة، في إطار تطبيق صارم للقانون. كما تم تشكيل لجان مختصة تضم ممثلين عن قطاعات متعددة لتعزيز التنسيق وتكثيف عمليات المراقبة.
ولا تقتصر فوائد التكنولوجيا على الرصد فقط، بل تساهم أيضًا في تحسين التخطيط الحضري والحد من الفساد الإداري، من خلال توفير معطيات دقيقة وشفافة، تُستخدم في إعداد مخططات تنموية واقعية وفعّالة. كما تساهم في تقليص التكاليف والوقت المرتبطين بعمليات التفتيش الميدانية التقليدية.
ورغم هذا التقدم التكنولوجي، لا تزال تحديات مثل نقص الكفاءات البشرية وضغط أزمة السكن تلقي بظلالها على جهود محاربة البناء غير القانوني. ولتجاوز هذه العقبات، توصي الجهات المختصة بتكثيف التكوين في المجال التقني وتعزيز حملات التوعية المجتمعية، إلى جانب وضع حلول سكنية بديلة بأسعار مناسبة.
بهذا النهج التكنولوجي، يبدو أن المغرب دخل مرحلة جديدة في محاربة البناء العشوائي، مرحلة تعتمد على الذكاء الإصطناعي والمعطيات الفضائية بدلاً من المراقبة الورقية والاجتهادات الفردية، في محاولة لصياغة مدن المستقبل بقوانين تحترم الحق في السكن والتنظيم العمراني في آن واحد.