“ديب سيك” الصينية تهدد هيمنة التكنولوجيا الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي
تحولت طفرة الذكاء الاصطناعي وهيمنة الشركات الأمريكية على السوق إلى حالة من القلق المفاجئ، بفضل شركة ناشئة صينية تدعى “ديب سيك”.
الشركة أذهلت الجميع بنموذجها اللغوي “آر1″، الذي دفع المستخدمين للتدفق على روبوت الدردشة الخاص بها، مما جعله التطبيق الأكثر تحميلًا على “آيفون” في عطلة نهاية الأسبوع الماضية.
وأكدت “ديب سيك” أن نموذج “آر1” يتميز بقدرته الفائقة على حل المشكلات المعقدة، مشيرة إلى أن أداءه لا يختلف كثيرًا عن نموذج “o1” الذي طورته “أوبن إيه آي” الأمريكية، لكن بتكلفة منخفضة للغاية، وذلك بفضل تقنيات تدريب النماذج المبتكرة واستخدام رقائق أقل تقدمًا.
وأوضحت “ديب سيك” أنها أنفقت 5.6 مليون دولار فقط على تطوير نموذجها خلال شهرين، بينما كانت تكلفة تطوير نماذج مشابهة من قبل شركات أمريكية مثل “أنثروبيك” تتراوح بين 100 مليون إلى مليار دولار، وفقًا لتصريحات مديرها التنفيذي “داريو أمودي” العام الماضي.
و في تقرير فني، كشفت “ديب سيك” أنها استخدمت أكثر من 2000 رقاقة من “إنفيديا” لتدريب نموذجها “V3″، بينما تتطلب نماذج الذكاء الاصطناعي المماثلة الأخرى عشرات الآلاف من الرقائق.
هذا الاستخدام الأكثر كفاءة للموارد أثار دهشة وادي السيليكون، حيث تمكنت “ديب سيك” من تقديم أداء يتماشى تقريبًا مع منافسيها الأمريكيين رغم استخدامها رقائق أقل تقدمًا.
تتحدى “ديب سيك” الفكرة السائدة التي تقول إن الشركات الكبرى فقط – خاصة في أمريكا – هي التي تستطيع تحمل تكلفة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة.
حيث تثبت الشركة أن الابتكار في هذا المجال ليس مقتصرًا على الشركات الغربية ذات الأموال الطائلة.
بعيدًا عن المنتجات الاستهلاكية، تركز “ديب سيك” بالكامل على البحث العلمي، ما يتيح لها تطوير تقنياتها دون التقيد بالقيود الصارمة التي تفرضها اللوائح على المنتجات الموجهة للمستهلكين، سواء في الصين أو خارجها.
ما جذب الاهتمام العالمي إلى “ديب سيك” هو تقديمها لنموذج “آر1” كمصدر مفتوح، حيث توفر الكود البرمجي الأساسي للنموذج بشكل مجاني للباحثين الآخرين. هذا يتيح للشركات الأخرى اقتفاء نهجها وتقديم حلول ذكاء اصطناعي أرخص، مما يفتح الباب أمام منافسة حادة في السوق.
أدى استعداد “ديب سيك” لمشاركة ابتكاراتها إلى بناء سمعة طيبة داخل مجتمع أبحاث الذكاء الاصطناعي العالمي. فاعتمادها على النماذج مفتوحة المصدر يساعد الشركات الصينية على منافسة نظيراتها الغربية، حيث يجذب المزيد من المستخدمين والمساهمين ويعزز نمو النماذج.
يشير الخبير الاقتصادي “إد يارديني” إلى أن الأنباء عن نجاح “ديب سيك” قد تكون مزعجة للشركات الكبرى مثل “جوجل” و”ميتا” و”مايكروسوفت”، التي كانت تخطط للهيمنة على سوق الذكاء الاصطناعي من خلال خدمات باهظة الثمن. هذه التحولات قد تؤثر على خططهم وتحد من قدرتهم على التحكم في السوق.
من الواضح أن “ديب سيك” تشكل تهديدًا حقيقيًا لهيمنة الشركات الأمريكية الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي. ويبدو أن نجاح هذه الشركة الناشئة قد يكون نتيجة غير مقصودة للحرب التقنية الباردة بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو ما قد يغير من موازين القوى في هذا القطاع الحيوي.