أكثر من 7 ملايين مغربي خارج الشبكات الاجتماعية رغم اتساع رقعة الاستخدام

في زمنٍ تُعيد فيه التكنولوجيا الرقمية تشكيل أنماط الحياة والتواصل الاجتماعي، لا يزال أكثر من 7 ملايين مغربي خارج دائرة الشبكات الاجتماعية، بحسب ما كشفه التقرير السنوي لـ”باروميتر الشبكات الاجتماعية بالمغرب 2025″، الصادر عن صحيفة ليكونوميست ومجموعة سونيرجيا.
هذه الفئة، التي تمثل نحو 19% من السكان، توصف بـ”غير المتصلة”، ما يعكس استمرار الفجوة الرقمية في مجتمع يشهد تحولات رقمية متسارعة.
وتبرز هذه الفجوة الرقمية كتحدٍ مزدوج تقني واجتماعي، إذ لا يتعلق الأمر فقط بعدم التوفر على الوسائل أو البنية التحتية، بل يتعداه إلى معطيات مرتبطة بالسن، والموقع الجغرافي، والانتماء الطبقي. فـ47% من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 64 سنة لا يستعملون أي منصة اجتماعية، وترتفع النسبة إلى 35% في الفئة العمرية ما بين 55 و64 سنة.
كما أن 29% من غير المتصلين يعيشون في الوسط القروي، و31% منهم ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية الدنيا.
ورغم توسع الرقمنة في مختلف مناحي الحياة، لا يزال هذا الانفصال الرقمي مرتبطًا باختيارات اجتماعية واقتصادية وحتى ثقافية، تساهم في إبعاد فئات واسعة عن فضاء رقمي بات يمثل القناة الأولى للتواصل والتفاعل.
في المقابل، بيّن التقرير أن 81% من المغاربة يستخدمون الشبكات الاجتماعية بانتظام خلال سنة 2025، وهي نسبة شبه مستقرة مقارنة بسنة 2024، لكنها سجّلت ارتفاعًا لافتًا قدره 8 نقاط مقارنة بسنة 2020.
يتصدر تطبيق واتساب لائحة المنصات الأكثر استخدامًا في المغرب بنسبة 75%، يليه فايسبوك بـ62%، وإنستغرام بـ42%.
أما الجديد في هذا العام، فهو بروز يوتيوب ضمن الترتيب بنسبة 40%، متقدمًا على تيك توك الذي حصد 24%.
ويعزى هذا التغير إلى صعود المحتوى القصير والمرئي، بالإضافة إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في خوارزميات الاقتراحات والتفاعل.
و سلّط التقرير الضوء على تفاوتات واضحة في أنماط استخدام الشبكات الاجتماعية:
واتساب يُستخدم يوميًا من طرف 95% من مستعمليه، ويبلغ استخدامه بين فئة الشباب (18-24 سنة) 88%، ويصل إلى 91% في صفوف الطبقات الميسورة.
فايسبوك يُستعمل بشكل يومي من قبل 89% من مستخدميه، ويظهر انتشارًا واسعًا بين الذكور (66%) وساكنة الشمال الشرقي (68%).
إنستغرام يستهوي النساء بنسبة 51% من المستخدمين، ويُقبل عليه بشكل كبير من فئة الشباب، خاصة ما بين 18 و24 سنة بنسبة 89%.
يوتيوب، على خلاف باقي المنصات، يُظهر تنوعًا في قاعدة مستخدميه، ويستقطب نسبًا متقاربة من مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية، لا سيما الفئات الوسطى والعليا.
أما تيك توك، فقد فرض نفسه كمنصة مفضلة لدى الشباب، بفضل أدواته الإبداعية وخدماته المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما جعله منصة فعالة للمحتوى السريع وللتجارة الإلكترونية.
جاءت منصات مثل سناب شات وتلغرام في المركز السادس بنسبة استخدام بلغت 8% لكل منهما، في حين سجلت منصات أخرى نسبًا أقل مثل لينكدإن (6%)، إكس – تويتر سابقًا (5%)، وبنترست (4%).
لينكدإن يُستخدم أساسًا في الأوساط المهنية والتعليمية العليا.
إكس يحاول التماهي مع الاستخدامات المالية والتحليلية الجديدة.
بنترست يستهدف جيل Z عبر واجهات بصرية مدعومة باقتراحات تسوق دقيقة.
على الرغم من هذا الزخم في استخدام الشبكات، يلفت التقرير إلى استمرار وجود فئات مهمشة رقمياً، لا تصلها ثمار هذا التحول، وهو ما يضع تحديًا حقيقيًا أمام صناع القرار.
ويشدد التقرير على ضرورة توجيه السياسات العمومية نحو دمج هذه الفئات، عبر تقوية التعليم الرقمي، وتحسين البنية التحتية، وتوفير الدعم الاجتماعي، انسجامًا مع أهداف النموذج التنموي الجديد في المغرب.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير أُنجز بناء على مقابلات هاتفية مع عينة تمثيلية من 1009 شخصًا، خلال الفترة من 30 يناير إلى 24 فبراير 2025، مع هامش خطأ لا يتجاوز 3%، استنادًا إلى معايير المندوبية السامية للتخطيط.