بعد تحرير الأسعار وتوقف “سامير”.. هل خرج قطاع المحروقات المغربي عن سيطرة الدولة؟

وجه الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، تحذيراً قوياً حول الوضع الحرج الذي يعيشه قطاع المحروقات في المغرب منذ تحرير الأسعار وتوقف مصفاة سامير بالمحمدية.
وأوضح في تصريح صحفي أن القطاع يشهد حالة من الفوضى المستمرة منذ نوفمبر 2015، وهو ما أثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني وأضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار اليماني إلى أن أسعار المحروقات شهدت ارتفاعات ملحوظة، رغم الانخفاض العالمي في أسعار النفط ومشتقاته، مؤكداً أن شركات التوزيع تتبع سياسات تسعير شبه موحدة، تزيد عن هوامش الربح التي كانت معتمدة قبل تحرير السوق بأكثر من درهم واحد.
وهذا سمح لها بتحقيق أرباح ضخمة تقدر بحوالي 20 مليون درهم يومياً، أي ما يتراوح بين 17 و50 مليار درهم خلال الفترة من 2016 وحتى نهاية 2022، وفق بيانات اللجنة البرلمانية الاستطلاعية.
أما بخصوص المخزون الاستراتيجي من المحروقات، فقد أكد اليماني أن الوضع مقلق للغاية، حيث لا يتم الحفاظ على الحد الأدنى القانوني من المخزون والذي يحدد بـ60 يوماً من الاستهلاك الوطني، لا سيما بعد إيقاف نشاط مصفاة سامير.
واعتبر أن هذا النقص يشكل تهديداً حقيقياً للأمن الطاقي في ظل الظروف الجيوسياسية العالمية المتقلبة، مطالباً بزيادة المخزون إلى ما فوق هذا الحد لتجنب أزمات في التزود.
وانتقد اليماني ضعف الرقابة الرسمية وعدم تطبيق القوانين بصرامة على الفاعلين في القطاع، بالرغم من الدعم والتحفيزات التي تقدمها الدولة.
كما نبه إلى تدهور جودة المحروقات، مع تزايد البلاغات عن أعطال ميكانيكية ناجمة عن محروقات مغشوشة، وكشف عن تفكيك شبكات غير قانونية لتوزيع الوقود في عدة مناطق مثل الناظور وبركان والجرف الأصفر ومديونة، حيث تورطت هذه الشبكات في خلط مواد ضارة أو استخدام زيوت مستعملة، مما تسبب في حوادث خطيرة كان آخرها انفجار مميت.
وأكد اليماني أن سوق المحروقات خرج عن سيطرة الدولة بشكل كامل، داعياً إلى تدخل عاجل لوضع حد لهذا الانفلات، واستعادة الشفافية، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد. وشدد على ضرورة الاعتراف بفشل سياسة تحرير أسعار المحروقات، مطالباً وزارة الانتقال الطاقي بتحمل مسؤولياتها في معالجة الأوضاع الراهنة قبل التركيز على مشاريع الطاقات المتجددة.
وختم بالقول إن المغرب يستهلك أكثر من 10 ملايين طن سنوياً من المنتجات البترولية لتلبية حاجياته الطاقية الأساسية، دون احتساب الاستخدامات الصناعية، ما يجعل من الضروري تبني استراتيجية وطنية واضحة تهدف إلى ضمان الأمن الطاقي والسيادة الوطنية على المدى الطويل.