الاقتصادية

من البيانات إلى الاستدامة..إعادة تشكيل أنظمة الغذاء والمياه في عصر الذكاء الاصطناعي

تُعدُّ البيانات الشاملة والمتكاملة المرتبطة بأنظمة الغذاء والمياه أساسًا حيويًا لتحسين التدخلات المستدامة وتعزيز اتخاذ القرارات المدروسة.

و في ظل التحديات البيئية المتزايدة مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتفاقم أزمة المياه، بالإضافة إلى تزايد الطلب العالمي على الغذاء، أصبح من الضروري تبني نهج منسق في إدارة البيانات.

على مدار عامين، عمل مجلس المستقبل العالمي للأمن الغذائي والمائي التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي على دراسة هذه القضايا وطرح إطار عمل لمجمعات البيانات.

تهدف هذه المبادرات إلى تمكين أصحاب المصلحة من اتخاذ قرارات مستنيرة تعتمد على بيانات موحدة، مستفيدة من أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لتقديم حلول فعالة.

تتمثل أهمية هذه المجمعات في قدرتها على تجميع البيانات المتنوعة على منصة واحدة، مما يسهم في تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات بما فيها الوزارات والهيئات التجارية.

ويُعدُّ هذا النهج حيويًا بشكل خاص في القطاعات التي تعاني من التجزئة، مثل قطاعات الغذاء والمياه التي تتطلب تكاملاً أكبر لتحقيق إدارة أكثر استدامة للموارد.

Artificial Intelligence in Food Processing. | Download Scientific Diagram

وفي هذا السياق، يوصي مجلس المستقبل العالمي للأمن الغذائي والمائي بتطوير أُطر حوكمة تهدف إلى الحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي واستثمار فوائده بشكل أمثل، مما يعزز من فعالية اتخاذ القرارات في المستقبل.

لقد اعترف مجلس المستقبل العالمي بالإمكانات الكبيرة التي توفرها التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، في دعم صانعي القرار. هذا التوجه يشمل كافة أصحاب المصلحة عبر سلسلة القيمة، بدءًا من واضعي السياسات وصولًا إلى المزارعين والمستثمرين.

وسيتم عرض هذه الأدوات والتحليلات في ورقة عمل تحمل عنوان “أنظمة الغذاء والمياه في العصر الذكي” على هامش قمة “المياه الواحدة” التي تنظمها حكومتا فرنسا وكازاخستان.

يُوصي المجلس القادة بتفعيل هذه الأدوات من خلال تبني المبادئ التي تدعو إلى استخدام مجمّعات البيانات المتقدمة والتقنيات الحديثة لتوسيع نطاق التعاون بين أصحاب المصلحة، بهدف تحسين إدارة الموارد الغذائية والمائية في مواجهة تحديات الجفاف والظروف المناخية المتغيرة.

حلول مبتكرة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي

1- إنشاء بنية تحتية فعّالة للبيانات

تُتيح الوصول المفتوح إلى قواعد

بيانات الغذاء والمياه المحلية

من الأهمية بمكان إنشاء هذه البنية بالتعاون الوثيق مع المستخدمين النهائيين، كالمزارعين وواضعي السياسات، لضمان ملاءمتها للظروف المحلية.

ويتعيّن أن تدير هذه البنية منصة محايدة وجديرة بالثقة، مع وضع آليات حماية صارمة تحول دون سوء الاستخدام.

وعند دمج معلومات الملكية الخاصة، يجب وضع بروتوكولات وإرشادات واضحة لتبادل البيانات، تُراعى فيها مسائل الخصوصية والوصول إليها والاستفادة منها بشكل مُنصف.

2- تعظيم المنافع من خلال استغلال

أسواق الموارد الطبيعية وتوظيف

آليات التمويل المبتكرة منخفضة الفائدة

يمكن الاستعانة بمصادر تمويلية متنوعة لتطوير مجمعات البيانات والحفاظ عليها.

وعلى المدى الطويل، يُمكن للتحليل الشامل لهذه البيانات أن يُبيّن جدوى استخدامها من خلال الربط بين قضايا المياه والغذاء وبين التمويل المناخي والطبيعي.

3- إنشاء آلية تنسيق مُحكمة بين

مختلف أصحاب المصلحة

يُعدّ التنسيق بين الوزارات ومختلف فئات أصحاب المصلحة ضرورة حتمية، لأنه يُسهم في دمج بيانات الغذاء والمياه على نحو أفضل، بما في ذلك البيانات المتعلقة بحدود المسطحات المائية، والتصاريح الصادرة بشأنها، والعقود والامتيازات وحقوق الملكية الأخرى القائمة ضمن هذه الحدود، ومن ثمَّ يُحسّن من كيفية تخصيص موارد المياه على النحو الأمثل، ممّا يُتيح اعتماد نهج أكثر شمولية واستدامة.

علاوةً على ذلك، يضمن هذا التنسيق إدراج مخرجات قطاعَي الغذاء والمياه في خطط العمل الوطنية، بما في ذلك أهداف المناخ والتنمية الاجتماعية.

4- الاستعداد للمستقبل وتعزيز

المرونة في اتخاذ القرارات

المتعلقة بالابتكار

يجب أخذ القرارات الغذائية المستقبلية بعين الاعتبار عند تطوير المنظومة، بما في ذلك تأثيرات تغير المناخ على الموارد المائية، واختلاف كميات المياه المستخدمة في إنتاج الأغذية والمنتجات الأخرى والبروتينات البديلة.

ونظرًا للتطور المستمر والتكيف الدائم الذي يشهده قطاعا الغذاء والمياه، فمن الضروري ضمان دمج البيانات المتجددة الحديثة والحلول الناشئة ضمن هذه المنظومة.

 

من بين أبرز التطبيقات العملية لهذه الأدوات، يأتي استخدام المزارعين في الهند لأُطر مماثلة لاختيار أصناف المحاصيل الأكثر مقاومة لتغيرات المناخ، وكذلك دور الشركات الخاصة في توفير حلول مبتكرة لتحسين كفاءة استخدام المياه بناءً على احتياجات السوق.

كما ساعدت مجمّعات البيانات المتقدمة الباحثين في رصد مستجمعات المياه العابرة للحدود، مثل حوض نهر ليمبوبو، مما مكن الحكومات من اتخاذ قرارات فعالة في مجال حماية الموارد المائية.

يُعدُّ تدريب القادة الحاليين وأجيال المستقبل على إدارة أنظمة الغذاء والمياه في ظل التغيرات المناخية أحد العناصر الأساسية لضمان استدامة هذه الموارد.

وهنا تظهر أهمية الدعم الدولي من خلال آليات مثل صندوق الخسائر والأضرار الذي أُطلق خلال مؤتمر (كوب 28)، حيث يعدّ هذا الصندوق خطوة حاسمة في معالجة الآثار السلبية لتغير المناخ، خاصة في البلدان النامية.

تُعدُّ البيانات عالية الجودة من أهم العوامل التي تساهم في تحسين نماذج الذكاء الاصطناعي، مما يسهل اتخاذ قرارات أكثر دقة وفاعلية.

Unlocking Pakistan's Agricultural Potential: A Pillar of Prosperity |  Bilal Ahmad, Ph.D.

لكن، بالرغم من توافر هذه البيانات، فإن اتخاذ الإجراءات المناسبة لا يتحقق بالضرورة، خاصة في قضايا مثل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُحسن بشكل كبير عملية اتخاذ القرار على المستويات المختلفة، من الزراعة إلى المستوى الوطني، إلا أنه يجب استخدامه بحذر لضمان تقليل الآثار البيئية السلبية إلى الحد الأدنى.

من خلال الاستثمار في تكامل البيانات وتطوير الحلول الابتكارية، يستطيع أصحاب المصلحة مواجهة تحديات الأمن الغذائي والمائي وتعزيز القدرة على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.

و يهدف هذا النهج الاستباقي إلى حماية الموارد مع ضمان العدالة في ممارسات الإدارة الزراعية والمائية، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة لصالح الأجيال القادمة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى