منظمة غرينبيس تنتقد استنزاف الموارد المغربية بسبب الاستثمارات الأوروبية

أثار تقرير حديث صادر عن منظمة “غرينبيس” العالمية انتقادات حادة لسياسات الاستغلال الأوروبي للموارد المغربية في مجالي الفلاحة والطاقة المتجددة، مسلطًا الضوء على التداعيات البيئية الخطيرة لهذه الاستثمارات.
وأشار التقرير إلى أن الاستثمارات الأوروبية في القطاع الفلاحي تركز بشكل أساسي على الإنتاج الموجه للتصدير، مما يفاقم استنزاف الموارد الطبيعية في المغرب، خصوصًا المياه والغابات، ويزيد من التدهور البيئي.
وخصص التقرير جزءًا مهمًا لدراسة المشاريع الفلاحية الأوروبية في كل من المغرب ومصر، موضحًا أن المغرب يعتمد بشكل كبير على الفلاحة التصديرية، حيث يتم تصدير نحو نصف منتجاته الزراعية إلى الأسواق الأوروبية.
ووفقًا للمنظمة، فإن هذه الممارسات تؤدي إلى استنزاف مفرط للموارد المائية، وإزالة مساحات شاسعة من الغابات، مما يهدد التنوع البيولوجي، في حين أن المستفيد الأكبر من هذه الأنشطة هو المستهلك الأوروبي.
كما لفت التقرير إلى أن تحرير التجارة ومتطلبات السوق العالمية ساهمت في تدمير النظم البيئية المحلية، حيث عززت الاستثمارات الأجنبية ممارسات زراعية مكثفة وغير مستدامة، ما أدى إلى تدهور خصوبة التربة واستنزاف الموارد الطبيعية.
واعتبرت “غرينبيس” أن هذا النموذج التنموي يهمل العواقب البيئية بعيدة المدى، مما يهدد حتى الموارد المتجددة ويزيد من هشاشة النظم البيئية.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن المجتمعات المحلية المغربية تتحمل الأعباء البيئية الأكبر لهذه الأنشطة رغم أنها الأقل مسؤولية عنها، مما يخلق حلقة مفرغة من الاستغلال الاقتصادي والبيئي.
واعتبرت المنظمة أن هذا النمط من الاستثمارات يفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويضعف قدرة المؤسسات المحلية على تطبيق سياسات تنموية مستدامة.
وللحد من هذه التداعيات، اقترحت “غرينبيس” مجموعة من التدابير الوقائية، أبرزها إنشاء صناديق ائتمانية لإدارة الأراضي المجتمعية، مستشهدة بتجربة “بورتوريكو” في تحقيق إدارة مستدامة للأراضي الزراعية.
كما أوصت المنظمة بوضع أطر قانونية صارمة لإجراء تقييمات دقيقة للأثر البيئي والاجتماعي لأي استثمار قبل الموافقة عليه، مع فرض قوانين تلزم الشركات بالشفافية في الكشف عن تفاصيل مشاريعها الاستثمارية.
وأكد التقرير على ضرورة إنشاء لجان رقابية مستقلة تضم ممثلين عن المجتمعات المحلية، ومنظمات غير حكومية، وخبراء بيئيين، لمتابعة تنفيذ المشاريع وضمان امتثالها للمعايير البيئية والاجتماعية.
كما شدد على أهمية إصدار تقارير دورية لتوعية الرأي العام وصناع القرار بمخاطر هذه الاستثمارات، بما يضمن تحقيق تنمية مستدامة تحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.