الاقتصادية

كبار السن في سوق العمل الرقمي: تحديات وفرص في عصر التحول التكنولوجي

في ظل تسارع التحول الرقمي الذي يشهده العالم، يبرز تساؤل حول دور كبار السن في سوق العمل الذي يتغير بوتيرة غير مسبوقة.

في حين يُعتقد أن الشباب هم محرك الابتكار في الاقتصاد الرقمي، فإن الجدال حول قدرة الموظفين الأكبر سنًا على المشاركة في هذا المجال يتزايد، خاصةً من خلال ما يمتلكونه من خبرات ورؤى استراتيجية.

يتطلب الابتكار مزيجًا من المهارات التقنية والإبداعية، بالإضافة إلى الخبرة العملية، مما يثير التساؤل حول قدرة كبار السن على التكيف مع التقنيات الحديثة.

وفي الوقت نفسه، هل يمكنهم أن يكونوا عنصرًا حاسمًا في الابتكار الرقمي، أم أن الفجوة التكنولوجية تعوق قدرتهم؟

شهدت أسواق العمل حول العالم تحولًا كبيرًا بسبب شيخوخة السكان، حيث أصبح كبار السن يشكلون جزءًا متزايدًا من القوى العاملة، خاصة في مجال الابتكار.

5 Tips for Simplifying Technology for Older Adults

و مع تطور التكنولوجيا الرقمية وضرورة التعلم المستمر، بدأت بعض الشركات والحكومات تدرك الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدموها. فقد أظهرت دراسات أهمية عدم تجاهل هذه الفئة، والاستفادة من خبراتهم الطويلة بما يساهم في تحسين الاقتصاد الكلي.

وفقًا لمركز أبحاث “بيو”، كان 19% من الأشخاص فوق سن 65 يعملون في الولايات المتحدة عام 2023، مقارنة بـ11% فقط في عام 1987.

رغم رغبة كبار السن في العمل، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة، من أبرزها مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، وهو ما قد يكون مرعبًا للكثير منهم. علاوة على ذلك، يعتبر التمييز على أساس السن أحد المعوقات التي تحد من فرص العمل المتاحة لهم، بالإضافة إلى تفضيل أكثر من 40% منهم للعمل عن بُعد أو بتوقيت مرن، بسبب التزاماتهم الأسرية أو صحتهم المتغيرة.

لتجاوز هذه العقبات، يتعين على الشركات والحكومات تعزيز الشمول الرقمي وتطوير سياسات توظيف تضمن التنوع العمري وتراعي التغيرات في نمط الحياة.

تطور أعداد الذين يبلغون سن 65 عامًا فأكثر في العالم حتى 2050 ( وفقا لبيانات الأمم المتحدة)

السنة

أعداد كبار السن

(بالمليون نسمة)

2018

258

2021

761

2022

771

2030

994

2050

1600

 

على الرغم من التصور السائد بأن الشباب هم الأكثر تكيفًا مع التكنولوجيا، إلا أن كبار السن يقدمون قيمة كبيرة في الابتكار، مثل الخبرة العميقة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

فهم يمتلكون سنوات من الخبرة التي تمنحهم القدرة على التفكير النقدي والتحليل، بالإضافة إلى مهارة إدارة المخاطر بشكل أفضل.

برزت منصات التعلم الرقمي كأداة أساسية لتمكين كبار السن من مواكبة التحول الرقمي. على سبيل المثال، استضافت منصة “جيتسيت آب” أكثر من 233 ألف دورة تدريبية لكبار السن في عام 2023، ما يعكس زيادة الوعي بأهمية التعلم المستمر.

بالإضافة إلى ذلك، تقدم الحكومات والشركات برامج تدريبية لمساعدة كبار السن على الاندماج في سوق العمل المتغير.

لا يزال العديد من كبار السن يتصدرون قمة الشركات الكبرى. على سبيل المثال، يظل “وارن بافيت” (93 عامًا)، الرئيس التنفيذي لشركة “بيركشاير هاثاواي”، واحدًا من أبرز الشخصيات في عالم الاستثمار.

Top 5 Benefits of Technology for Seniors | Veritas Care

كما أن “تيم كوك” (63 عامًا) يواصل قيادة “آبل” بإطلاق منتجات مبتكرة. هذه الأمثلة تبرز أن العمر لا يشكل عائقًا أمام الابتكار بل يمنح الخبرة اللازمة للتفكير الاستراتيجي.

تشير الدراسات إلى أن دمج كبار السن في سوق العمل يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز الإنتاجية وتقليل نقص العمالة، مما يدعم استقرار الاقتصاد.

وفقًا لبحث من مؤسسة “كوفمان”، يمتلك كبار السن فرصًا أكبر لبدء أعمال تجارية ناجحة مقارنة بالشباب. وفي بلدان مثل اليابان وإيطاليا، حيث يشكل كبار السن نسبة كبيرة من السكان، يتطلب الأمر سياسات فعّالة لدعم مشاركتهم في سوق العمل.

من المهم تغيير النظرة النمطية تجاه كبار السن في سوق العمل. بدلاً من اعتبارهم عبئًا، يجب الاعتراف بدورهم كأفراد ذوي خبرة وحكمة، وقادرين على الإسهام في الاقتصاد الرقمي.

و يتعين على الحكومات والشركات تعزيز استراتيجيات التعلم المستمر، وتنفيذ سياسات توظيف عادلة، وضمان شمولهم في العصر الرقمي، مما يساهم في استدامة الاقتصاد ويدفع نحو الابتكار المتنوع.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى