ترامب يتراجع عن إقالة باول: «لم أكن أخطط لذلك»… ماذا وراء القرار المفاجئ؟

في تحول مفاجئ، نفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، واصفاً التقارير الإعلامية التي تناولت هذا الموضوع بأنها “أكاذيب مختلقة”، رغم أن مصادر متعددة أشارت إلى أن محامي البيت الأبيض كانوا بالفعل يدرسون الخيارات القانونية لعزل باول. فما الذي دفع ترامب إلى التراجع؟
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن تراجع ترامب جاء عقب تحذيرات مباشرة من وزيري الخزانة والتجارة آنذاك، سكوت بيسنت وهوارد لوتنيك، من أن الإقدام على خطوة كهذه قد يخلق فوضى عارمة في الأسواق المالية ويدفع البلاد إلى معركة قانونية معقدة وغير محسوبة العواقب.
وأكد لوتنيك لترامب أن تغيير رئيس الفيدرالي لن يكون له تأثير فعلي على توجهات السياسة النقدية، لأن أغلب أعضاء المجلس يتبنون نفس النهج الذي يسير عليه باول، ما يعني أن أسعار الفائدة قد لا تتغير حتى مع تعيين بديل له.
الدليل الأوضح على تعقيد موقف ترامب هو تعيينه الأخير لميشيل بومان، المعروفة بتحفظها تجاه خفض الفائدة، كنائبة لرئيس المجلس لشؤون الرقابة المصرفية.
هذا التعيين يعكس أن ترامب لم يكن بالضرورة يسعى لتغيير جذري في سياسة الفيدرالي، بل ربما لممارسة ضغط سياسي محدود.
بالتوازي مع التوتر القائم، أثارت سياسات ترامب التجارية، خاصة الرسوم الجمركية المفروضة على الصين، مخاوف جدية لدى المستثمرين وقادة الأعمال من تسارع التضخم وتأثير ذلك على النمو الاقتصادي.
وقد دفع هذا القلق مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التحول نحو موقف أكثر تحفظاً بشأن التيسير النقدي.
في هذا السياق، حذّر كبار مسؤولي متاجر التجزئة ترامب خلال اجتماع بالبيت الأبيض من أن التعريفات الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين، ما قد يضر بمستويات الطلب ويؤثر سلباً على ثقة السوق.
حتى أقرب حلفاء ترامب لم يلتزموا الصمت، إذ دعا إيلون ماسك علناً إلى خفض الرسوم الجمركية، مؤكداً عزمه على مناشدة ترامب مباشرة بشأن هذه السياسات.
رغم إصرار ترامب المتكرر على أن قراراته لا تتأثر بتقلبات الأسواق، فإن رد فعله تجاه ملف باول كشف عكس ذلك. فقد تسببت تصريحاته حول إمكانية الإقالة في حالة ذعر دفعت المستثمرين إلى بيع واسع للأسهم والسندات، وعزوف عن الدولار، ما عمّق من الاضطرابات في الأسواق.
في تصريحات سابقة لمجلة بارونز، أشار بيسنت إلى إمكانية الإعداد المسبق لـ”رئيس ظل” للفيدرالي، بحيث يُجهَّز خليفة محتمل لباول قبل نهاية ولايته في منتصف 2026، بهدف التأثير على توقعات السوق وتوجيهها نحو المسار المرغوب به.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي جاري سكولسبرج أن تدخل السياسة في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي يحمل آثاراً نفسية خطيرة على الأسواق.
إذ إن التوقعات بشأن التضخم وسلوك المستهلكين تستند كثيراً إلى الثقة بالمؤسسات، وأي تلاعب أو ضغط سياسي قد يزعزع هذا الأساس النفسي.