ترامب والضغوط على الجامعات الأمريكية: هارفارد وكولومبيا نموذجًا

منذ تولي “دونالد ترامب” منصب الرئاسة، كانت التجارة أحد أولوياته، لكن الأمور تطورت لتشمل ساحة جديدة للنزاع: التعليم العالي.
فقد بدأ البيت الأبيض في ممارسة ضغط متزايد على الجامعات الأمريكية، حيث خضعت 60 جامعة للتحقيق بسبب مزاعم تتعلق بمعاداة السامية في الحرم الجامعي.
أحد أبرز الأمثلة كان مع “هارفارد” التي كانت ضحية لقرارات إدارة “ترامب”، حيث حجبت عنها 2.2 مليار دولار من التمويل الفيدرالي رداً على تسامحها مع المظاهرات ضد الحرب في غزة. هذا الضغط كان يهدف إلى إجبار الجامعات على إجراء تغييرات جوهرية.
ورغم أن هارفارد هي أقدم وأغنى جامعة في الولايات المتحدة، إلا أن “ترامب” بدأ معركة مباشرة معها من خلال رسالة لرئيس الجامعة “آلان جاربر”، طالب فيها بفرض إشراف حكومي على إجراءات القبول وإنهاء قبول الطلاب الدوليين الذين يعارضون القيم الأمريكية.
ورغم الضغوط، رفض “جاربر” هذه المطالب بشكل قاطع، مؤكداً أن الجامعة لن تتنازل عن استقلالها أو حقوقها الدستورية. كما أكد أنها ستستمر في رفض الإملاءات الحكومية، سواء استمرت في الحصول على التمويل الفيدرالي أم لا.
حظيت هارفارد بتأييد من الطلاب والخريجين، بل وحتى من الرئيس الأمريكي الأسبق “باراك أوباما” الذي وصف تصرف “ترامب” بالمتهور، وأشاد بالجامعة كونها نموذجًا يحتذى به في التعليم العالي.
ما الذي يمكن أن تفعله “هارفارد” لمقاومة ضغوط “ترامب”؟ |
|
الإجراء |
التوضيح |
إجراء قانوني |
أشار “جاربر” لإمكانية اتخاذ إجراء قانوني ضد “ترامب” لانتهاكه حق الجامعة في حرية التعبير المنصوص عليه في التعديل الأول من الدستور. ومهد الطريق لدعوى قضائية تتهم الإدارة بتجاوز صلاحيتها بموجب قانون الحقوق المدنية لعام 1964 الذي يحظر التمييز العنصري في البرامج التي يدعمها التمويل الفيدرالي. |
السياسيون الجمهوريون |
|
السعي لكسب تأييد الشعب |
بالفعل أعادت الجامعة بعض الصياغات على موقعها، وعرضت بعضًا من إنجازاتها المذهلة مع التركيز على الاكتشافات الطبية التي غيرت حياة الكثيرين. |
ماذا عن الوضع المالي؟ |
بفضل وقفها المالي البالغ 53.2 مليار دولار – وهو ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول الصغيرة – تتمتع الجامعة بقدرة فريدة على تجاوز الأزمة. لكن رغم ذلك، فإن 70% من أموال الوقف مخصص لمشاريع محددة، ويتعين على الجامعة إنفاق الأموال بالطريقة التي وجهها المانحون أو مواجهة مسؤولية قانونية. وفي 2024، بلغت الميزانية التشغيلية للجامعة 6.4 مليار دولار، ومول الوقف ثلث هذا المبلغ، مع 16% من الحكومة الفيدرالية، غالبًا للمساعدة في أمور تعود بالنفع على أمريكا بأكملها مثل البحوث الطبية الحيوية. |
ورغم بعض التنازلات التي قدمتها هارفارد، مثل فصل بعض قادة مركز دراسات الشرق الأوسط، استمر “ترامب” في انتقاد الجامعة، متهمًا إياها بأنها لم تعد مكانًا مناسبًا للتعلم، وتوعد بإلغاء إعفاء الجامعة من الضرائب، متهمًا إياها بالكشف غير الدقيق عن مصادر التمويل الأجنبي.
كما هدد بفرض قيود على قبول الطلاب الدوليين الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من إجمالي الطلاب.
تعتبر الجامعات الأمريكية، بما في ذلك هارفارد، معتمدة بشكل كبير على الطلاب الأجانب الذين يسهمون بشكل كبير في تمويل نفقاتها من خلال دفع الرسوم الدراسية الكاملة، وهو ما يمثل دعمًا مهمًا للطلاب المحليين أيضًا.
و على النقيض من هارفارد، قررت جامعة كولومبيا الاستجابة لضغوط “ترامب” وقبول العديد من إصلاحاته مقابل استعادة 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي. ورغم هذه التنازلات، لم يعد التمويل.
تمثل الضغوط الحالية بداية مرحلة جديدة من التدخلات الفيدرالية في التعليم العالي الأمريكي. إذا لم تتمكن هارفارد من مقاومة هذه الهجمات، فإن ذلك قد يؤدي إلى استسلام باقي الجامعات الأمريكية، وهو ما قد يكون ضربة قاسية لحرية التعليم العالي في البلاد.