الأخباراقتصاد المغرب

العمل عن بُعد.. استراتيجية حكومية جديدة لتعزيز توظيف النساء وخفض معدلات البطالة

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المغرب، يُطرح بشدة سؤال ولوج النساء إلى سوق الشغل كأولوية حاسمة لتحفيز النمو وتقليص البطالة.

غير أن الواقع الاجتماعي والثقافي ما زال يُثقل كاهل المرأة بأدوار منزلية تقليدية تحدّ من قدرتها على الانخراط في الحياة المهنية بشكل فعّال.

في هذا السياق، سلط تقرير حديث صادر عن “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” الضوء على هشاشة الوضعية المهنية للنساء في المغرب، حيث لا تتجاوز نسبة مشاركتهن في سوق العمل 20 في المئة، وغالبًا ما يشتغلن في ظروف هشة وغير مستقرة.

من جهتها، كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن تفاقم ظاهرة البطالة وسط النساء، حيث ارتفعت إلى 19.4 في المئة، مقابل 11.6 في المئة لدى الرجال.

وأرجع الباحثون هذا التفاوت إلى عدد من العوامل المتشابكة، على رأسها الأعباء الأسرية التي تتحملها المرأة، وضعف الخدمات المساندة كالرعاية الصحية ورعاية الأطفال، إضافة إلى الأدوار النمطية داخل الأسرة المغربية.

ولمواجهة هذا الواقع، يقترح المركز اعتماد أنماط عمل مرنة، خصوصًا العمل عن بُعد، كحل عملي يوازن بين الحياة المهنية والأسرية للنساء. واعتبر الطيب غازي، الباحث في المركز، أن دعم هذا التوجه يتطلب تبني سياسة متعددة الأبعاد تشمل دعم التكوين، وتحسين البنية التحتية للرعاية، وتوفير بيئة قانونية وتشريعية محفّزة على التغيير.

وأضاف غازي أن انخفاض معدلات نشاط النساء يعود أيضًا إلى تراجع فرص الشغل في المناطق القروية، نتيجة الأزمة المتواصلة في القطاع الفلاحي بسبب الجفاف المتكرر، ما زاد من هشاشة الشغل النسائي خارج المدن.

وأوصى التقرير الحكومة بدفع القطاع الخاص نحو تبني سياسات تشغيل دامجة، مع تطوير آليات تقييم دقيقة تقيس أثر البرامج الموجهة للنساء، وإحداث مؤشرات أداء قابلة للقياس لمواكبة فعالية تلك المبادرات.

كما شدد على ضرورة إزالة الحواجز القانونية والإدارية التي تحول دون ارتقاء النساء إلى مواقع القرار داخل المؤسسات العامة والخاصة، إلى جانب تكثيف الحملات التحسيسية لتفكيك الصور النمطية التي تعيق تحرر المرأة المهني.

وفي ختام الورقة، شدد الخبراء على أن تمكين المرأة اقتصادياً لا يمكن فصله عن الاستثمار في التعليم والتكوين، فالمعطيات تؤكد أن كلما ارتفع المستوى التعليمي والتقني للنساء، زادت فرصتهن في الظفر بفرص عمل لائقة ومستدامة.

إن الرهان على العمل عن بُعد ليس ترفًا تقنيًا، بل خيارًا استراتيجيًا يُعيد رسم خريطة سوق الشغل في المغرب، ويمنح المرأة أفقًا جديدًا للمساهمة في التنمية دون التنازل عن مسؤولياتها الاجتماعية.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى