الصناعة التقليدية المغربية تزدهر في أسواق شمال أوروبا

شهدت الصناعة التقليدية المغربية في السنوات الأخيرة نهضة ملحوظة، إذ أصبحت وجهة مفضلة لدى أسواق دول شمال أوروبا، مثل السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا.
هذا الإقبال المتصاعد أثار اهتمام المتابعين، ودفعهم للتساؤل عن سر هذا الافتتان المتزايد بمنتوجات مغربية يدوية تحمل إرثًا عريقًا من التاريخ والحرفية.
تُعد الصناعة التقليدية المغربية ركيزة أساسية للثقافة والاقتصاد الوطني، إذ توفر فرص عمل لأكثر من مليون حرفي وحرفية، وتضم أكثر من 70 نشاطًا متنوعًا بين الزليج والخزف والنقش على الخشب والمعادن، إضافة إلى الجلد والنسيج والتطريز.
ووفقًا لبيانات وزارة السياحة والصناعة التقليدية، فقد بلغت صادرات هذا القطاع في عام 2024 أكثر من 1.5 مليار درهم، مع تزايد الاهتمام من قبل الأسواق الأوروبية ذات القدرة الشرائية العالية، لا سيما دول الشمال الأوروبي.
تشير المؤشرات التجارية إلى أن بلدان الشمال الأوروبي أصبحت من أهم أسواق الصناعة التقليدية المغربية، حيث تجاوز معدل الإقبال على المنتوجات المغربية في السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا نسبة 60% خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
ويرجع هذا النمو إلى تقدير هذه الشعوب للأصالة والحرفية، واهتمامهم بالمنتجات المستدامة، والبحث عن تصاميم تجمع بين الجمال والوظيفة.
في السويد، أصبحت الزرابي الأطلسية والأغطية المطرزة يدويًا والفوانيس النحاسية جزءًا من صيحات الديكور العصري، ويُعرض أكثر من 120 متجرًا في ستوكهولم وغوتنبرغ هذه المنتوجات بشكل دائم. ويلعب أفراد الجالية المغربية، الذين يتجاوز عددهم 12 ألفًا، دورًا مهمًا في الترويج لهذه المنتجات.
أما في الدنمارك، فقد تطورت العلاقة مع الصناعة التقليدية المغربية من مجرد استهلاك إلى شراكات فعلية بين شركات دنماركية وصناع مغاربة، خاصة في مجال الجلديات والإكسسوارات المنزلية. وتقام في كوبنهاغن معارض موسمية تخصص مساحات واسعة للمنتوجات المغربية، ما يعزز حضور الجالية المغربية التي يبلغ عددها نحو 13 ألف نسمة.
وتحظى المنتوجات ذات البعد الفني باهتمام خاص في النرويج، مثل المصابيح النحاسية والصحون الخزفية المنقوشة يدويًا.
وعلى الرغم من أن عدد الجالية المغربية هناك لا يتجاوز 8 آلاف نسمة، فإن مشاركتهم الفاعلة في المعارض الفنية مثل “Oslo Design Fair” ساعدت على تسويق هذه المنتوجات كخيار راقٍ ومميز.
أما في فنلندا، فقد وجد المستهلكون ضالتهم في المنتجات المغربية التقليدية، مثل الزرابي الأطلسية والفخار المصبوغ بالألوان النباتية، ما يعكس بحثهم عن منتجات طبيعية وصديقة للبيئة. وتساهم الجالية المغربية، التي يبلغ عددها 5 آلاف تقريبًا، في دعم هذا التوجه من خلال متاجر صغيرة والمشاركة في أسواق موسمية ومعارض ثقافية.