الركود الاقتصادي الأمريكي يلوح في الأفق وقلق متزايد حول تداعيات السياسات الحمائية

تزايدت احتمالات حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة، بعد تراجع حاد في سوق الأسهم الأمريكية تحت ضغط السياسات الحمائية التي اتبعها الرئيس “دونالد ترامب”.
هذا الانخفاض في المؤشرات المالية أثار تكهنات حول تدخل الاحتياطي الفيدرالي لدعم الأسواق.
رفع بنك “جولدمان ساكس” تقديره لاحتمال حدوث ركود في الاقتصاد الأمريكي خلال الـ12 شهراً القادمة إلى 45%، بعد أن كان تقديره السابق عند 35% فقط.
وجاء هذا التعديل بسبب تدهور الأوضاع المالية وتزايد حالة عدم اليقين السياسي والتجاري في البلاد.
سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية أسوأ خسائر لها خلال جلستين متتاليتين في نهاية الأسبوع الماضي، لتسجل خسائر إضافية، ما دفع مؤشر “إس آند بي 500” إلى الدخول في نطاق السوق الهابطة لفترة قصيرة.
يعتبر سوق الأسهم من أهم أدوات الاستثمار بالنسبة للأمريكيين، حيث يستثمر حوالي 162 مليون شخص (62% من البالغين) في الأسهم. ومن هنا تأتي أهمية تأثر السوق بتقلبات الأسعار، مما يهدد بشكل مباشر ثروات المستثمرين.
ظل مؤشر الخوف في وول ستريت، الذي يرصد مشاعر القلق في الأسواق، عند 45 نقطة، بعد أن أغلق فوق 40 نقطة يوم الجمعة الماضية.
هذه الإشارة القوية تعكس مخاوف المستثمرين من التقلبات السوقية الوشيكة والعزوف عن المخاطرة في ظل التوترات التجارية المتصاعدة.
أشارت شركة “داتا تريك” إلى أن إغلاق المؤشر فوق مستوى 40 نقطة عادة ما ينذر بأزمة اقتصادية تتطلب استجابة سياسية عاجلة.
وأوضحت أن هذه المستويات النادرة سبق أن استدعت تدخلات حكومية لإنقاذ الاقتصاد والأسواق عبر التاريخ.
عندما ارتفع مؤشر الخوف فوق 40 نقطة في عام 1998 نتيجة الأزمة المالية التي عانى منها صندوق التحوط “لونج تيرم كابيتال مانجمنت”، اضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى التدخل بوضع خطة إنقاذ للقطاع الخاص.
من بين الأدوار الأساسية للمصرف المركزي الأمريكي هو ضمان التوظيف الكامل وتعزيز النمو الاقتصادي مع الحفاظ على معدل التضخم منخفضًا. ويقوم الفيدرالي بذلك من خلال قرارات السياسة النقدية التي يتخذها في اجتماعاته المنتظمة.
يرى “جوناثان بينجل”، كبير الاقتصاديين الأمريكيين لدى بنك “يو بي إس”، أن الفيدرالي سيراقب عن كثب تأثير سياسات “ترامب” على أسعار السلع وسوق العمل.
وإذا لاحظ ارتفاعًا في معدلات البطالة، فقد يتخذ خطوة لخفض أسعار الفائدة بهدف تحفيز الاقتصاد.
على الرغم من ذلك، يرى العديد من المحللين أن خفض أسعار الفائدة لن يكون كافياً لمنع الاقتصاد الأمريكي من الانزلاق إلى الركود. ويشدد “جيمس إنجلهوف”، كبير الاقتصاديين لدى بنك “بي إن بي باريبا”، على أن السياسات الحمائية لترامب تمثل تغييرًا جذريًا قد يصعب على البنك المركزي مواجهته.
الفيدرالي يجد نفسه في موقف صعب، حيث إن مخاطر الركود الاقتصادي تتطلب تحفيزًا من خلال خفض الفائدة، بينما تساهم الرسوم الجمركية المرتفعة في زيادة التضخم، مما يضع البنك المركزي في مأزق اقتصادي معقد.