الاقتصادية

أزمة تخزين الغاز في أوروبا: فرصة مؤقتة أم فخ استراتيجي؟

تواجه أوروبا انخفاضًا مقلقًا في مستويات تخزين الغاز، حيث بلغت نسبة الامتلاء 34% فقط، في حين تراجعت في ألمانيا إلى 29%.

ومع ذلك، هناك بارقة أمل تتمثل في انتعاش واردات الغاز الطبيعي المسال قريبًا، لكن المفاجأة أن الأسعار قد لا ترتفع – والسبب في ذلك يعود إلى الصين.

سجلت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال هذا الشهر أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات، إذ بلغت 4.5 مليون طن فقط. ويعود هذا التراجع إلى عدة عوامل، منها تباطؤ النشاط الصناعي، وفائض المخزون المحلي، ورد بكين على الرسوم الجمركية الأمريكية.

وتشير التقديرات إلى أن واردات الصين الفصلية ستنخفض بنسبة 22% عن العام السابق، ما سيزيد من توافر الغاز الطبيعي المسال في الأسواق الأوروبية التي تكافح لتأمين احتياجاتها وسط تحولها نحو مصادر الطاقة المتجددة.

مع تزايد التوترات بين واشنطن وبروكسل، تسعى أوروبا لتنويع إمداداتها عبر تعزيز علاقاتها مع مورّدين مثل قطر والدول الإفريقية، وفقًا لتوقعات شركة درويري للأبحاث.

ورغم هذه الجهود، سيظل منتجو الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة المورد الرئيسي لأوروبا، بفضل القرب الجغرافي وسهولة البيع عبر السوق الفورية.

ورغم المحاولات الأوروبية لشراء الغاز المشترك، لم تحقق الخطة نجاحًا يُذكر، إذ غطت 2% فقط من إجمالي الطلب الأوروبي، بينما يواصل الاتحاد الأوروبي الإشادة بها ووضع خطط جديدة تمتد لخمس سنوات قادمة.

قد يبدو انخفاض الواردات الصينية نعمة مؤقتة لأوروبا، إذ سيسهل عليها شراء 250 شحنة إضافية هذا العام، وفقًا لتقديرات رويترز. لكن الاعتماد على هذا التراجع محفوف بالمخاطر:

التراجع الصيني قد يكون مؤقتًا، ويمكن أن تعود بكين لزيادة مشترياتها في أي لحظة.

الاضطرابات الفنية وانقطاع الإمدادات غالبًا ما تؤثر على سوق الغاز الطبيعي المسال، مما قد يؤدي إلى تضييق المعروض وارتفاع الأسعار.

منافسة الأسواق الأخرى، حيث تنتظر دول آسيوية كبرى تحسن الأسعار للدخول كمشترين أقوياء.

أحد الحلول المطروحة هو “النموذج الياباني”، الذي يعتمد على الاستثمار المباشر في مشاريع الغاز الطبيعي المسال وعقود التوريد طويلة الأجل، ما يمنح الدول استقرارًا في الإمدادات. لكن بعض مراكز الأبحاث المناخية تعارض هذا التوجه، باعتباره يتعارض مع التحول الأوروبي نحو الطاقة النظيفة.

في ظل الواقع الحالي، تظل أوروبا بحاجة إلى الغاز الطبيعي لضمان إمدادات طاقة موثوقة، خاصة بعد إغلاق ألمانيا آخر محطاتها النووية واتجاهها نحو الفحم لتعويض النقص. لذا، فإن الرهان على انخفاض واردات الصين ليس استراتيجية مستدامة، مما يجعل التوجه نحو عقود الغاز طويلة الأجل خيارًا يستحق الدراسة.

الرهان الأوروبي على تراجع الطلب الصيني قد يكون مجرد وهم، فهل تتحرك القارة العجوز لوضع استراتيجية طاقة أكثر استدامة قبل فوات الأوان؟

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى