الاقتصادية

التضليل الإعلامي في عصر المعلومات: كيف يؤثر على اتخاذ القرارات؟

كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين ترامب وبايدن بمثابة ساحة صراع للآراء والجدل، حيث ظهر تأثير التضليل الإعلامي بوضوح على مسار الأحداث ونتائج الانتخابات.

ففي ظل عالم مليء بالمعلومات المتدفقة بسرعة، أصبح التمييز بين الحقيقة والكذب أمرًا بالغ الصعوبة.

تشير الدراسات النفسية إلى أن البشر قد تطوروا في بيئة حيث كان الوصول إلى المعلومات محدودًا، ولكن اليوم أصبحنا نعيش في عالم مليء بالبيانات المتنوعة، بعضها موثوق والبعض الآخر مغلوط.

هذه الفجوة بين بيئتنا التطورية وواقعنا المعاصر، الذي يفيض بالمعلومات، تُشكّل تحديًا كبيرًا في كيفية اتخاذ القرارات السليمة.

في العصر الرقمي الحالي، تزايد تدفق الأخبار الزائفة، سواء كانت متعمدة أو غير متعمدة، وأصبح من السهل نشرها بسرعة عبر الإنترنت.

الدراسات تشير إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر بشكل أسرع وأكثر انتشارًا من الحقائق، مما يجعل الكثير من الناس عرضة لتقبل معلومات خاطئة بشكل يومي.

Combating Misinformation as a Core Function of Public Health | NEJM Catalyst

وهذا يؤثر بشكل كبير على قرارات الأفراد، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الحساسة مثل الانتخابات أو الأزمات العالمية كجائحة كورونا.

السبب في هذا التأثير الكبير يعود إلى أن التعرض المتكرر للمعلومات المغلوطة يجعلنا أكثر استعدادًا لتصديقها، حتى وإن كانت غير صحيحة. كما أن الأشخاص غالبًا ما يعيدون نشر المعلومات الزائفة دون قصد لمجرد أنهم تعرضوا لها سابقًا.

من المعروف أن إحدى الاستراتيجيات لمكافحة المعلومات المضللة هي زيادة الوعي حول مخاطرها. قد يبدو أن إدراك الأشخاص بكون المعلومة زائفة سيجعلهم يتجاهلونها عند اتخاذ القرارات، ولكن الواقع يختلف.

و أظهرت الدراسات أن الأفراد يواصلون استخدام معلومات ثبت خطؤها، حتى عندما يكونون على علم بأن هذه المعلومات زائفة. هذا الظاهرة تظل مؤثرة على معتقداتهم وقراراتهم، حتى بعد تعرضهم لتحذيرات بشأنها.

في عام 2024، أجرى العالِم آدم رامزي وزملاؤه من جامعة فاندربيلت دراسة لفحص تأثير المعلومات الرقمية المضللة على اتخاذ القرارات.

طلب من المشاركين تقييم تقارير تحتوي على معلومات رقمية دقيقة ومضللة، وقد تبين أن المشاركين استمروا في تقدير الأرقام المضللة بشكل غير دقيق رغم اكتشافهم لخطأها.

هذا يشير إلى أن الأفراد يميلون إلى دمج المعلومات المغلوطة في معتقداتهم، حتى بعد اكتشاف زيفها.

تظهر هذه الدراسات أن المعلومات الرقمية الزائفة تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل المعتقدات والقرارات لدى الأفراد، مما يجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والتضليل.

في عالم تتدفق فيه المعلومات بشكل مستمر، يصبح من الضروري أن نطور مهارات التفكير النقدي وآليات فعّالة للتحقق من صحة المعلومات. ويعد الوعي بهذا التحدي الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع أكثر وعيًا وقدرة على مواجهة التضليل الإعلامي.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى