الإمتثال الضريبي للمقاولين الذاتيين بالمغرب: فشل أم تحتاج إلى إعادة تقييم؟
أثار موضوع الامتثال الضريبي للمقاولين الذاتيين نقاشاً واسعاً في المغرب، حيث كشف المدير العام للضرائب، يونس إدريسي قيطوني، عن إشكالية عدم تصريح الغالبية العظمى من المستفيدين من هذا النظام بدخولهم.
فمن أصل 430 ألف مسجل، يلتزم 27 ألف شخص فقط بأداء واجباتهم الضريبية، أي بنسبة 6 في المائة فقط.
هذا الوضع دفع المسؤولين إلى التساؤل حول فعالية هذا النظام، الذي كان الهدف منه تسهيل دمج فئة العمال المستقلين في النظام المهيكل.
كما أكد المدير العام للضرائب أن نظام “المقاول الذاتي” يُستخدم بشكل أكبر لتقنين الأنشطة غير المهيكلة، أكثر من كونه وسيلة للتهرب الضريبي.
هذا التصريح يوضح أن النظام حقق نجاحاً في استقطاب فئة واسعة من العاملين في القطاع غير المهيكل، إلا أنه يواجه تحدياً كبيراً في تحقيق الامتثال الضريبي.
و تشير الأرقام إلى أن عدد المقاولين الذاتيين في المغرب بلغ 615.660 شخصاً منذ إطلاق هذا النظام، بينهم 389.565 شخصاً مازالوا نشيطين.
ويتركز أغلب هؤلاء المقاولين في قطاع الخدمات بنسبة 44 في المائة، يليه قطاع التجارة بنسبة 40 في المائة. وقد شهدت فترة جائحة كورونا إقبالاً كبيراً على هذا النظام، حيث تم تسجيل 174.665 شخصاً.
و على الرغم من المزايا الضريبية التي يتمتع بها المقاولون الذاتيون، إلا أن نسبة الامتثال الضريبي لا تزال منخفضة جداً.
هذا الوضع يطرح تساؤلات حول مدى فعالية الحوافز الضريبية في تشجيع الامتثال، ويدعو إلى التفكير في آليات أخرى لمكافحة التهرب الضريبي.
يواجه نظام “المقاول الذاتي” تحديات كبيرة، من بينها ضعف الوعي بأهمية الامتثال الضريبي، وعدم وجود آليات فعالة للرقابة، بالإضافة إلى تعقيد بعض الإجراءات الإدارية.
هذه التحديات تتطلب جهوداً مشتركة من مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة، والمديرية العامة للضرائب، ومنظمات المجتمع المدني، من أجل إيجاد حلول مستدامة تضمن تحقيق أهداف هذا النظام.
إن ضعف الامتثال الضريبي في صفوف المقاولين الذاتيين يطرح تساؤلات حول الحاجة إلى إعادة النظر في آليات مكافحة التهرب الضريبي بشكل عام.
فالمغرب بحاجة إلى استراتيجية شاملة تتضمن تحسين الوعي بأهمية الضريبة، وتطوير آليات رقابة فعالة، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتقديم حوافز ضريبية مشجعة، بالإضافة إلى تطبيق عقوبات صارمة على المتهربين من الضرائب.
يبقى نظام “المقاول الذاتي” في المغرب نظاماً واعداً، إلا أنه بحاجة إلى معالجة أوجه القصور التي يعاني منها، وعلى رأسها ضعف الامتثال الضريبي.
فمن خلال تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، يمكن لهذا النظام أن يحقق أهدافه في دمج العاملين في القطاع غير المهيكل، وتحقيق العدالة الضريبية، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.