التعليم المالي: درع الأمان للمتقاعدين في مواجهة الاحتيال والتحديات المالية

على مر السنين، كان المتقاعدون يواجهون صعوبة في تأمين مدخرات تكفيهم للعيش حياة مستقرة بعد التقاعد. إلا أن الخطر الأكبر الذي يهدد هذه المدخرات يأتي من الاحتيال المالي، الذي يمكن أن يحول أحلامهم إلى كوابيس.

غالبًا ما يكون المتقاعدون هدفًا سهلًا لعمليات الاحتيال بسبب مدخراتهم المتراكمة، إضافة إلى نقص الثقافة المالية التي تحميهم من هذه المخاطر.

تتزايد المخططات الاحتيالية المتطورة التي تستهدف كبار السن، مما يثير تساؤلات حول دور التثقيف المالي في حماية هذه الفئة من الوقوع ضحية لهذه العمليات.

إضافة إلى ذلك، يفتقر العديد من المتقاعدين إلى المعرفة الكافية التي تمكنهم من استثمار مدخراتهم بشكل فعال، مما يحرمهم من الفرص التي قد تساهم في تحسين وضعهم المالي. لذلك، يُعتبر التعليم المالي أداة قوية لمساعدتهم على حماية أموالهم واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.

أكثر طرق الاحتيال في عام 2024 وفقًا لبنك ألايد آيريش

يواجه المتقاعدون تحديات عديدة، أبرزها الاحتيال المالي. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، خسر الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا 1.68 مليار دولار في عام 2022 بسبب عمليات الاحتيال، وفقًا للجنة التجارة الفيدرالية.

وفي دراسة أخرى، أظهر 25% فقط من المتقاعدين في استطلاع للرأي أنهم واثقون من قدرتهم على إدارة شؤونهم المالية بشكل فعال.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني المتقاعدون من تضخم مستمر وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، ما يقلل من قدرتهم الشرائية، خاصة أن دخلهم غالبًا لا يتماشى مع هذه الزيادة.

يعتبر التعليم المالي أحد الحلول الفعّالة لحماية المتقاعدين من الاحتيال وتزويدهم بالأدوات اللازمة لاتخاذ قرارات استثمارية حكيمة. وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة “فينرا” للتعليم المالي، وجد أن كبار السن الذين شاركوا في ورش عمل للتثقيف المالي كانوا أقل عرضة بنسبة 25% للوقوع ضحايا للاحتيال.

أفضل الدول التي تمتلك نظام تقاعدي بالعالم وفقًا لمؤشر معهد ميرسر سي إف إيه في عام 2024

كما أظهرت دراسات أخرى أن المتقاعدين الذين حصلوا على مشورة مالية أو تعليم استثماري حققوا نتائج أفضل في إدارة محافظهم الاستثمارية بنسبة 3% سنويًا مقارنة بنظرائهم الذين لم يتلقوا هذه المشورة.

التثقيف المالي لا يقتصر على الوقاية من الاحتيال وحسب، بل يمتد ليشمل تحسين قدرة المتقاعدين على إدارة ميزانياتهم الشخصية بشكل فعال، مما يساهم في الحفاظ على مدخراتهم طوال فترة التقاعد.

و على سبيل المثال، أظهرت دراسة أن المتقاعدين الذين شاركوا في برامج “الذكاء المالي” في أستراليا تحسنوا بنسبة 30% في قدرتهم على التخطيط لمستقبلهم المالي. هذا التثقيف يمكن أن يساعدهم في الحفاظ على مدخراتهم، ويجعلهم أقل عرضة لعمليات الاحتيال.

تعد البرامج الحكومية والمنظمات غير الربحية مثل “إيه إيه آر بي” من أبرز الموارد التي تقدم ورش عمل ودورات تدريبية للمتقاعدين بهدف تعزيز وعيهم المالي.

كما توفر البنوك وشركات الاستثمار خدمات استشارية وندوات مجانية للمساعدة في رفع مستوى الثقافة المالية لديهم. في هذا السياق، تعتبر المنصات الرقمية والتطبيقات المخصصة أداة مثالية لتمكين المتقاعدين من الوصول إلى التعليم المالي بسهولة، خاصة لأولئك الذين يواجهون صعوبة في التنقل.

إن التعليم المالي لم يعد مجرد رفاهية بل ضرورة حتمية، فهو يسهم في تمكين المتقاعدين من التعامل مع التحديات المالية التي قد تواجههم في مرحلة التقاعد. ليس فقط كأداة للحماية من الاحتيال، بل كوسيلة لتعزيز قدرتهم على اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة، مما يضمن لهم حياة مالية مستقرة وأكثر أمانًا.

وبالتالي، يصبح التعاون بين الحكومات والمؤسسات المالية والمنظمات غير الربحية أمرًا بالغ الأهمية لضمان توفير برامج تعليمية فعّالة ومتاحة لجميع المتقاعدين.

من خلال توفير تعليم مالي شامل، سيتمكن المتقاعدون من امتلاك المهارات اللازمة لتحقيق استقرار مالي واستثمار مدخراتهم بذكاء، مما يساعدهم على التمتع بحياة كريمة ومستقرة ماليًا في سنواتهم الذهبية.