إدريس الأزمي يحذر من تبعية الاقتصاد المغربي للاستيراد ويشدد على ضرورة الإصلاحات الجذرية
أعرب إدريس الأزمي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، عن قلقه العميق من السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة الحالية، محذرًا من استمرار تبعية المغرب للاقتصاد الاستيرادي.
وقال الأزمي في تصريحاته أمس الأحد، إن هذه السياسات التي تركز على الاستيراد الواسع، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الصفقات والاستثمارات العمومية، قد تؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وتحولها إلى دولة معتمدة بشكل كامل على الواردات.
وفي كلمة ألقاها خلال الملتقى الوطني للهيئات المجالية للفضاء المغربي للمهنيين، أكد الأزمي أن الحكومة لا تتبنى فقط سياسات تشجع الاستيراد، بل تروج لها في العديد من القطاعات، مثل استيراد الأبقار والأغنام والبيض وغيرها من المنتجات الأساسية.
وأضاف أن الحكومة تبرر هذه الخطوات بمبررات مثل “الجفاف”، ليطرح تساؤلاته قائلاً: “هل من المقبول أن نعتمد على الاستيراد بكل هذه الطريقة فقط بسبب الجفاف؟”. وأوضح أن هذه السياسات تفتقر إلى استراتيجيات ناجحة وتواجه ثلاث مشاكل رئيسية.
المشكلة الأولى، وفقًا للأزمي، تكمن في الإنفاق العام الهائل دون أن يكون له أي تأثير حقيقي على حياة المواطن. وأشار إلى أن أسعار اللحوم تتراوح حاليًا بين 120 و170 درهمًا، رغم أن الحكومة فتحت الباب على مصراعيه للاستيراد ووفرت دعمًا من خلال خفض الضرائب والرسوم الجمركية.
ورغم هذه الإجراءات، يظل المواطن المغربي يواجه أسعارًا مرتفعة، مما يعني أن الأموال العمومية تُنفق دون أن تحقق أي فائدة تذكر.
وأكد الأزمي أن هذه السياسات تعمق من تبعية المغرب الاقتصادية، حيث أصبح البلد يعتمد على استيراد السلع الأساسية مثل الملابس والأبقار والأغنام والعسل، بينما كان المغرب تاريخيًا يتمتع بقدرة كبيرة على الإنتاج المحلي، سواء في الصناعات التقليدية أو الحديثة مثل صناعة السيارات والطائرات والإلكترونيات.
وأشار إلى أن هذه السياسات لا تهدد فقط القطاع المحلي، بل قد تؤدي إلى تراجع القدرة الإنتاجية على المدى البعيد.
ودعا الأزمي المهنيين بجميع فئاتهم إلى أخذ زمام المبادرة في مواجهة هذه السياسات، قائلًا: “يجب أن نوقف هذا التوجه المفرط نحو الاستيراد، لأنه لن يكون في صالح اقتصادنا الوطني على المدى البعيد”.
وأكد أن الحكومة قد أعلنت في برنامجها الحكومي عن خطة لتعويض الواردات بالمنتج المحلي بقيمة تصل إلى 34 مليار درهم وخلق 100 ألف فرصة عمل، ولكن الواقع لا يعكس هذه الوعود، ما يعزز القلق بشأن جدوى هذه السياسات.
و فيما يتعلق بالتغطية الصحية، أشار الأزمي إلى أن المهنيين هم الحلقة الأضعف في هذا المشروع الحكومي، حيث أن الحكومة تعتمد عليهم لتغطية الثغرات الموجودة دون تقديم حلول حقيقية أو دعم ملموس.
وأضاف أن القطاع الخاص يتحمل الجزء الأكبر من النفقات الصحية، مما يشكل تهديدًا كبيرًا لنظام التغطية الصحية في المستقبل.
و تطرق الأزمي إلى الإصلاحات الجبائية التي أقرتها الحكومة، مؤكدًا أنها شابتها العديد من العيوب. وأشار إلى أن هذه الإصلاحات لا تزال تثقل كاهل الفئات الصغيرة من المجتمع، بينما تتم التسهيلات لصالح الفئات الكبيرة.
وأوضح أن هذه الإصلاحات لم تكن شاملة وعادلة، وأنها خدمت مصالح فئة معينة على حساب باقي المواطنين. ودعا إلى ضرورة إصلاح شامل للأنظمة الجبائية المحلية والرسوم شبه الضريبية، مؤكدًا على ضرورة مكافحة تضارب المصالح الذي يؤثر على فعالية الحكومة في خدمة الصالح العام.