الاقتصادية

وهم السعادة في بيئة العمل: لماذا لا يكفي الفرح المؤقت لتحقيق الرضا الوظيفي

يُعد البحث عن السعادة في بيئة العمل هدفًا شائعًا، لكن الواقع يشير إلى أن فكرة السعادة في هذا السياق غالبًا ما تكون مبالغًا فيها.

و رغم أن بعض المزايا مثل الوجبات المجانية والعطلات غير الرسمية قد تضفي بعض البهجة، إلا أن هذه اللحظات قصيرة الأمد ولا تكفي لضمان التفاعل المستمر مع العمل على المدى الطويل.

الواقع أن السعادة ليست هدفًا يسهل تحقيقه، سواء في العمل أو في الحياة بشكل عام.

فقد يشعر الفرد بالفرح لحظيًا بعد إنجاز معين، إلا أن هذه المشاعر تتلاشى بسرعة، مما يجعل السعي وراء السعادة في العمل أمرًا قد يؤدي إلى خيبة أمل. ففي مواجهة ضغوط العمل والتحديات اليومية، لا تُعد السعادة هدفًا مستدامًا.

في هذا السياق، يُؤكد علماء النفس أن السعي المستمر وراء السعادة قد يؤدي إلى “مفارقة السعادة”، حيث كلما زاد بحثنا عن السعادة، ابتعدت عنا. وبمجرد أن تتلاشى تلك اللحظات السعيدة، قد يشعر الموظفون بالإحباط أو حتى العزلة، مما يساهم في زيادة الإجهاد النفسي.

إذا كانت السعادة كجرعة سريعة من السكر، فإن المعنى يشبه الوجبة المتوازنة التي توفر الاستمرارية. السعي وراء العمل الهادف لا يرتكز على البحث عن مشاعر إيجابية، بل يتطلب القيام بمهام ذات قيمة حقيقية.

10 Hacks For A Happy And High-Performance Workplace

وهذا لا يعني أن العمل يجب أن يكون دائمًا ممتعًا؛ فقد يكون مليئًا بالتحديات والإحباطات. لكن هذا النوع من العمل الذي ينسجم مع القيم الشخصية ويحدث تأثيرًا إيجابيًا، يمنح شعورًا عميقًا بالفخر يدوم أكثر من لحظة عابرة من الفرح.

دراسات عديدة تشير إلى أن الأفراد الذين يجدون معنى في عملهم يعبرون عن رضا وظيفي أكبر، وصحة نفسية أفضل، وقدرة أعلى على التكيف.

و بدلاً من التركيز على مبادرات الصحة والعافية، يجب على القادة تحفيز الموظفين على الارتباط بعملهم. إليك بعض الطرق لتحقيق ذلك:

ربط المهام اليومية برسالة أسمى: حتى الأعمال الروتينية يمكن أن تكون مهمة عندما يفهم الموظفون كيف تساهم في تحقيق هدف أكبر. عليهم أن يدركوا أثر عملهم بدلًا من الشعور كأنهم مجرد أجزاء في آلة.

الاحتفال بالإنجازات ذات المعنى: لا تقتصر الاحتفالات على الأرقام فقط، بل احتفل بالأثر الذي أحدثته هذه الإنجازات، وكيف ساهمت في تحقيق الابتكار وخدمة العملاء.

سرد قصص واقعية: بدلاً من الاعتماد على الأرقام والجداول، استخدم القصص لإظهار كيفية إحداث تأثير حقيقي. الناس ينجذبون إلى قصص النجاح وكيف تساهم أعمالهم في تحسين حياة الآخرين.

الأبحاث تؤكد أن الأشخاص الذين يرون عملهم كرسالة سامية، بدلاً من مجرد وظيفة، يتمتعون بمستوى أعلى من الانخراط والأداء، ولديهم رفاهية أفضل.

6 Effective Tips for a Happy Workplace

العمل الهادف لا يحفز الموظفين فقط ليشعروا بالرضا، بل يشجعهم على الالتزام بالمهمة والعمل بجدية أكبر. الدراسات أظهرت أن العمل الذي يمنح معنى يؤدي إلى تحسين الأداء الوظيفي، ويقوي التزام الموظفين، ويقلل معدل دوران العمالة.

لذلك، إذا كنت تسعى لبناء فريق عمل عالي الأداء، توقف عن التركيز على السعي وراء إسعاد الموظفين، وابدأ في بناء بيئة عمل يشعر فيها الموظفون أن ما يفعلونه له معنى.

و إذا كانت استراتيجيتك الوحيدة لتحقيق سعادة الموظفين هي الامتيازات المادية، ففكر في الآتي:

هل يدرك موظفوك القيمة الحقيقية لما يقومون به؟
هل تخلق لحظات فخر حقيقية وشعورًا بالهدف، بدلًا من الاعتماد على وسائل الترفيه العابرة؟
هل سيظل موظفوك ملتزمين بالعمل إذا تم إلغاء الامتيازات مثل الوجبات المجانية؟

أفضل بيئات العمل ليست تلك التي تركز على إسعاد الموظفين بشكل سطحي، بل تلك التي تبني ثقافة مبنية على المعنى والهدف.

و عندما تحقق ذلك، سترى تحسينًا في مشاركة الموظفين وأدائهم، وستنخفض معدلات الدوران بشكل طبيعي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى