ميناء فوسبوكراع..بوابة المغرب الجديدة نحو ريادة الفوسفات والتنمية المستدامة في الجنوب

يشهد مشروع ميناء فوسبوكراع، الواقع جنوب غرب مدينة العيون، تقدمًا ملموسًا بعد ست سنوات من الأشغال المتواصلة، ليقترب من لحظة اكتماله كأحد المشاريع الاستراتيجية الكبرى في الأقاليم الجنوبية المغربية.
يمثل هذا الميناء حجر زاوية في رؤية وطنية تهدف إلى تطوير البنية التحتية الصناعية واللوجستية بالجنوب، ويعكس في الوقت ذاته طموح المغرب في ترسيخ مكانته العالمية كمصدر رئيسي للفوسفات والأسمدة.
يتولى المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) الإشراف الكامل على هذا المشروع، ضمن خطة شاملة لتوسيع قدراته في التصدير وتعزيز الكفاءة في استغلال الموارد الطبيعية.
ويمتلك المغرب ما يقارب 70% من احتياطي الفوسفات العالمي، ما يمنحه موقعًا تنافسيًا فريدًا في سوق الأسمدة العالمية.
ويأتي إنجاز ميناء فوسبوكراع استجابة للطلب العالمي المتزايد على الأسمدة، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الأمن الغذائي العالمي، ويُعد من بين أهم المشاريع اللوجستية لتعزيز سيادة المغرب الصناعية والاقتصادية.
الميناء الجديد يتميز بهيكلة عصرية ومواصفات عالمية، تجعله من بين أحدث الموانئ المتخصصة في نقل المواد الخام والمنتجات الكيماوية:
جسر بحري: يمتد على 3.5 كيلومتر بعرض 25 مترًا، يربط اليابسة بالمياه العميقة لاستقبال السفن الكبيرة.
منشآت الحماية البحرية: تمتد على 920 مترًا لحماية البنية التحتية من الأمواج والتيارات.
نظام سحب مياه البحر: بطاقة استيعابية تبلغ 30 ألف متر مكعب في الساعة، لدعم العمليات الصناعية بالمجمع الإنتاجي.
الميناء مصمم لاستقبال سفن من فئة Post-Panamax بحمولة تصل إلى 100 ألف طن، ما يسهم في تقليل كلفة النقل وزيادة الكفاءة اللوجستية.
كما يُمكّن من استيراد مواد خام كالـكبريت، وتصدير الفوسفات والأسمدة وحمض الفوسفوريك نحو الأسواق العالمية.
يحمل المشروع أبعادًا اقتصادية محلية ووطنية هامة:
محليًا: سيسهم في خلق مئات من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتعزيز الاقتصاد الجهوي عبر تطوير البنية التحتية الداعمة.
وطنيًا: يُتوقع أن يرفع المشروع من حجم صادرات المغرب من الفوسفات ومشتقاته، ويعزز موقع المملكة كمُزود استراتيجي في أسواق إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
يراعي المشروع أعلى معايير الاستدامة البيئية، إذ تم تصميم المنشآت لتقليل التأثير على الساحل والنظام البيئي البحري، مع الاعتماد على تقنيات حديثة لتحسين الكفاءة الطاقية وخفض الانبعاثات.
مع اقتراب الانتهاء من إنجازه، يمثل ميناء فوسبوكراع لبنة أساسية في استراتيجية المغرب الصناعية، ويجسد توجه الدولة نحو استثمار الثروات الطبيعية لدعم التنمية المستدامة وخلق توازن جهوي حقيقي.
هذا المشروع لا يؤكد فقط قدرة المغرب على تنفيذ مشاريع ضخمة في مناطق نائية، بل يرسخ أيضًا مكانته كقوة اقتصادية صاعدة في القارة الإفريقية وعلى الساحة الدولية.