توقف واردات الغاز الأمريكي للصين يعكس التحولات في التجارة الطاقية بين أكبر اقتصادات العالم

شهدت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال (LNG) القادم من الولايات المتحدة توقفًا تامًا منذ أكثر من عشرة أسابيع، في مؤشر على تصاعد التوترات التجارية مجددًا بين أكبر اقتصادين في العالم، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”.
وتعود آخر شحنة إلى أوائل فبراير، حين وصلت ناقلة تحمل 69 ألف طن من الغاز من ميناء كوربوس كريستي في ولاية تكساس إلى مقاطعة فوجيان الصينية. منذ ذلك الحين، لم تسجل أي عمليات تسليم، ما يعكس شللاً واضحًا في أحد أبرز مسارات تجارة الطاقة العالمية.
وقد تفاقم الوضع بعد أن تم تحويل مسار ناقلة ثانية كانت متجهة إلى الصين، لتتجه بدلاً من ذلك إلى بنغلاديش، عقب فشلها في الوصول قبل دخول قرار بكين بفرض رسوم جمركية نسبتها 15% على الغاز الأمريكي حيّز التنفيذ في 10 فبراير.
وفي تطور لاحق، تم رفع هذه الرسوم إلى 49%، ما جعل الغاز الأمريكي غير قادر على المنافسة داخل السوق الصينية بسبب ارتفاع تكلفته.
ويعيد هذا الانقطاع في التجارة إلى الأذهان مرحلة من التوترات خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حين توقفت واردات الغاز بين البلدين لأكثر من عام.
ويحذر خبراء من أن هذه القطيعة المتجددة قد يكون لها تداعيات استراتيجية طويلة الأجل، أبرزها تعزيز الشراكات الصينية مع روسيا في قطاع الطاقة، وتقويض خطط تطوير بنية تحتية كبرى للغاز الطبيعي المسال في كل من الولايات المتحدة والمكسيك.
وفي هذا السياق، علّقت آن صوفي كوربو، الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، قائلة: “العواقب قد تكون بعيدة المدى، ولا أتوقع أن تقدم الشركات الصينية على توقيع عقود جديدة مع الموردين الأميركيين في ظل هذه البيئة التجارية المعقدة.”
ورغم هذا الجمود، لا تزال بعض الروابط قائمة بين الجانبين؛ إذ تواصل شركات الطاقة الكبرى في الصين، مثل بتروتشاينا وسينوبك، الوفاء بالتزاماتها في إطار 13 عقدًا طويل الأجل مع مزودين أميركيين، تمتد بعضها حتى عام 2049.
وقد ساهمت هذه الاتفاقيات بشكل جوهري في تمويل وتطوير مشاريع ضخمة للغاز المسال على الأراضي الأميركية.
لكن مستقبل هذه العلاقات بات يكتنفه الغموض، في ظل بيئة دولية متقلبة تتأثر بالسياسات الحمائية والنزاعات الجيوسياسية المتصاعدة.