ما هو منحنى فيليبس؟ وكيف يفسر العلاقة بين التضخم والبطالة؟
– البطالة والتضخم مفهومان اقتصاديان يستخدمان على نطاق واسع لقياس اقتصاد معين، فالبطالة مصطلح يُستخدم للإشارة إلى عدد الأشخاص الباحثين عن عمل ولكنهم غير قادرين على العثور على وظيفة.
– غني عن القول، إن البطالة لا تؤثر على الأفراد فحسب، بل تؤثر أيضًا على المجتمعات والمناطق والاقتصاد الكلي للدول.
– أمّا التضخم، فهو يُعبر عن الحركة الصعودية المستمرة في مستوى السعر الإجمالي للسلع والخدمات في الاقتصاد مع الحفاظ على ثبات العوامل الأخرى.
– وبالتالي فقدان القوة الشرائية للعملة المستخدمة في الاقتصاد، ونتيجة للتضخم، فإنَّ الأمر يتطلب المزيد من وحدات العملة لشراء نفس الكمية من السلع والخدمات.
– على مر السنين، درس علماء الاقتصاد العلاقة بين البطالة وتضخم الأجور، بالإضافة إلى معدل التضخم الإجمالي.
– نظرًا لأن التضخم والبطالة هما من أكثر المؤشرات الاقتصادية التي تتم مراقبتها عن كثب، فسوف نتعمق في علاقتهما وكيف يؤثران على الاقتصاد الكلي.
العلاقة بين التضخم والبطالة
– لطالما كانت العلاقة بين التضخم والبطالة علاقة عكسية، أي عندما ترتفع معدلات البطالة يُصبح من الممكن أن ينخفض معدل التضخم ويعزى هذا إلى سببين.
– السبب الأول: هو أنَّه إذا كان معدل البطالة في بلد ما مرتفعًا، فستكون القوة العاملة منخفضة، وبذلك يصعب عليهم المطالبة بتعديل أجورهم؛ لأنَّ أصحاب العمل يمكنهم تكليف عمال آخرين بدلاً من دفع أجور عالية.
– وبالتالي، من المرجح أن ينخفض معدل تضخم الأجور خلال فترة ارتفاع معدلات البطالة، وهذا بدوره سيؤدي إلى تقليل تكلفة الإنتاج وتخفيض أسعار السلع والخدمات.
– السبب الثاني: هو أنَّ ارتفاع معدل البطالة هو انعكاس لانخفاض الناتج الاقتصادي، وبذلك ستشهد الشركات زيادة في حجم السلع غير المُبيعة.
– وفي حالة الركود الاقتصادي، ستواجه الشركات منافسة كبيرة في الأسعار، لذلك سيؤدي انخفاض الإنتاج بالتأكيد إلى تقليل تضخم سحب الطلب في الاقتصاد.
منحنى فيليبس
– كان فيليبس من أوائل الاقتصاديين الذين قدموا أدلة دامغة على العلاقة العكسية بين البطالة وتضخم الأجور، فقد درس فيليبس العلاقة بين البطالة ومعدل التغير في الأجور في المملكة المتحدة على مدى قرن كامل تقريبًا.
– وذلك من عام 1861م إلى عام 1957م، وخلال دراسته افترض ارتفاع الطلب على العمالة، وقلة عدد العمال العاطلين عن العمل، وفي هذه الحالة يتوقع من أصحاب العمل رفع الأجور بسرعة كبيرة.
– ومع ذلك، عندما يكون الطلب على العمالة منخفضًا، ومعدلات البطالة مرتفعة، يتردد العمال في قبول أجور أقل من المعدل السائد، ونتيجة لذلك، تنخفض معدلات الأجور ببطء شديد.
– العامل الثاني الذي يؤثر على تغيرات معدل الأجور هو معدل التغير في البطالة، فإذا كان الاقتصاد مزدهرًا، سيقدم أصحاب العمل عروضهم بقوة أكبر للعمال، ما يعني أنَّ الطلب على العمالة يتزايد بوتيرة سريعة، أي أنَّ نسبة البطالة تتناقص بسرعة.
– ونتيجة لذلك رسم فيليبس العلاقة بين تضخم الأسعار العام والبطالة، ويُعرف الرسم البياني لهذه العلاقة باسم منحنى فيليبس.
رؤية نقدية لمنحنى فيليبس
– دفعت المقايضة بين التضخم والبطالة الاقتصاديين إلى استخدام منحنى فيليبس لصياغة السياسة النقدية أو المالية.
– نظرًا لأن منحنى فيليبس لاقتصاد ما سيظهر مستوى واضحًا من التضخم لمعدل معين من البطالة والعكس صحيح، فإنه من الممكن تحقيق التوازن بين المستويات المرغوبة من التضخم والبطالة.
– برهنت الأوضاع في أوائل الستينيات على صحة منحنى فيليبس، بحيث يمكن الحفاظ على معدل بطالة أقل إلى أجل غير مسمى طالما يمكن التسامح مع معدل تضخم أعلى.
– ومع ذلك، في أواخر الستينيات، اعتبرت مجموعة من الاقتصاديين بقيادة ميلتون فريدمان أن منحنى فيليبس لا يصمد على المدى الطويل.
– وزعموا أنه على المدى الطويل، يميل الاقتصاد إلى العودة إلى المعدل الطبيعي للبطالة لأنه يتكيف مع أي معدل تضخم.
– ويُقصد بالمعدل الطبيعي أي معدل البطالة طويل الأجل الذي يلاحظ بمجرد تبديد تأثير العوامل الدورية قصيرة الأجل وتعديل الأجور إلى مستوى يكون فيه العرض والطلب في سوق العمل متوازنين.
– إذا توقع العمال ارتفاع الأسعار، فسوف يطالبون بأجور أعلى بحيث تكون أجورهم الحقيقية (المعدلة حسب التضخم) ثابتة.
– مع تسارع التضخم، قد تتوفر العمالة على المدى القصير بسبب ارتفاع الأجور – ما يؤدي إلى انخفاض معدل البطالة.
– ومع ذلك، على المدى الطويل، عندما يدرك العمال فقدان قوتهم الشرائية في بيئة تضخمية، تقل رغبتهم في توفير العمالة ويرتفع معدل البطالة إلى المعدل الطبيعي.
– لذلك، على مدار المدة، لن يفيد التضخم المرتفع الاقتصاد من خلال انخفاض معدل البطالة. وعلى نفس المنوال، لا ينبغي أن يؤدي انخفاض معدل التضخم إلى فرض تكلفة على الاقتصاد من خلال ارتفاع معدل البطالة.
– نظرًا لأن التضخم ليس له تأثير على معدل البطالة على المدى الطويل، فإن منحنى فيليبس على المدى الطويل يتحول إلى خط عمودي عند المعدل الطبيعي للبطالة.
– أدت نتائج فريدمان إلى التمييز بين منحنيات فيليبس على المدييَـن القصير والطويل. يتضمن منحنى فيليبس قصير المدى التضخم المتوقع كمحدد لمعدل التضخم الحالي، وبالتالي يُعرف باسم “منحنى فيليبس المعزز بالتوقعات”.
الخلاصة
– تعمل العلاقة العكسية بين التضخم والبطالة الموضحة في منحنى فيليبس بشكل جيد على المدى القصير، لا سيّما عندما يكون التضخم ثابتًا إلى حد ما كما كان في الستينيات من القرن الماضي.
– أما على المدى الطويل، فلا يصمد المنحنى لأن الاقتصاد يعود إلى المعدل الطبيعي للبطالة حيث يتكيف مع أي معدل تضخم.