هل يشكل الذكاء الاصطناعي التوليدي تهديدًا لأمن المعلومات في مجال المحاسبة؟
لم يعتمد مجال المحاسبة بشكل كامل بعد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل شات جي بي تي، على الرغم من التحسينات الملحوظة التي شهدتها هذه الأدوات في الفترة الأخيرة.
ورغم أن النسخة الأولية من شات جي بي تي فشلت في اجتياز امتحان المحاسبة العامة المعتمد (CPA)، إلا أن النسخ الأحدث من هذا النظام قد حققت تقدماً كبيراً، حيث استطاعت اجتياز هذا الامتحان بنجاح، إضافة إلى اجتياز اختبارات مهنية متخصصة أخرى مثل امتحان المحاسبة الإدارية المعتمد وامتحان المدقق الداخلي المعتمد.
هذا التطور يشير إلى قدرات كبيرة لهذه الأدوات في تحسين جودة وكفاءة العمل المحاسبي.
و يتزامن هذا التقدم التكنولوجي مع أزمة نقص الكفاءات المهنية في مجال المحاسبة، ما يعزز فرصة تبني الذكاء الاصطناعي كحل لمواجهة هذا التحدي.
و يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك شات جي بي تي، في معالجة المهام المحاسبية الروتينية التي تشكل عبئًا على المحاسبين الجدد، مما يتيح لهم التركيز على المهام الأكثر إبداعية واستراتيجية.
في دراسة بعنوان “جاهزية شات جي بي تي لسوق العمل: هل سوق العمل جاهز لشات جي بي تي؟”، أجرى باحثون من جامعة ميامي استبيانًا شمل آراء المحاسبين حول تجربتهم مع هذه الأدوات.
ووفقًا للباحث مارك روس، فإن المحاسبين يرون في سهولة استخدام شات جي بي تي وقدراته الإبداعية مزايا تدعم تبني الأداة، بينما يرون أن المخاطر المحتملة قد تكون عائقًا أمام ذلك.
و أظهرت نتائج الاستطلاع أن تبني المحاسبين لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يزال محدودًا للغاية.
حيث أشار المشاركون إلى أنهم يستخدمون شات جي بي تي بشكل ضئيل، حيث لم تتجاوز درجة استخدامهم هذه الأداة مستوى واحد على مقياس من عشرة.
كما أن الثقة في هذه الأدوات تظل منخفضة، ما يوضح عدم وجود علاقة قوية بين الثقة المدركة واستخدام هذه التكنولوجيا.
و تظل المخاوف المتعلقة بأمن المعلومات وحماية الخصوصية أبرز العقبات التي تقف في طريق تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال المحاسبة. حتى مع تطوير بعض الشركات لنسخ داخلية من هذه الأدوات، لا تزال المخاوف الأمنية تؤثر على مدى الثقة في هذه الحلول.
وقد أشار الباحث جيمس تشانغ إلى أن تبني هذه التكنولوجيا في مجال المحاسبة لا يزال في مراحله الأولية، مشيراً إلى أن جمع بيانات دراسته تم بعد فترة قصيرة من إطلاق شات جي بي تي. ومع ذلك، أعرب عن تفاؤله الكبير بمستقبل الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن التطورات السريعة في هذه التكنولوجيا ستفتح آفاقًا واسعة لتحسين كفاءة العمل المحاسبي.
على الرغم من التحديات التي تواجهها مهنة المحاسبة في تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلا أن هناك إمكانيات هائلة لهذه التكنولوجيا في تحسين الأداء المهني ورفع الكفاءة.
و يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن مهنة المحاسبة من التغلب على المخاوف وبناء الثقة اللازمة لاعتماد هذه التقنيات؟ الإجابة على هذا السؤال ستكشفها الأيام القادمة.
