مع تصاعد الاهتمام العالمي بالاستدامة ومواجهة التغير المناخي، شهدت السنوات الأخيرة تحوّلًا جذريًا في توجهات الاستثمار في الطاقة.
لم يعد الوقود الأحفوري هو الوجهة الأولى لرؤوس الأموال كما كان قبل عقد، حيث كانت الاستثمارات في النفط والفحم والغاز تتجاوز استثمارات الكهرباء وشبكاتها بنسبة 30%.
اليوم، تغيرت المعادلة بالكامل، مع قفزة في استثمارات الكهرباء بنسبة 60%، مدفوعة بالتحولات المناخية، سياسات الحياد الكربوني، والتطورات التكنولوجية، لا سيما انفجار الابتكار المدعوم بالذكاء الاصطناعي .
تقدّر وكالة الطاقة الدولية أن التدفقات الرأسمالية في قطاع الطاقة ستبلغ 3.3 تريليون دولار في 2025، بزيادة 2% عن 2024، منها نحو 2.2 تريليون دولار ستُخصص لمصادر الطاقة المتجددة، النووية، الشبكات، التخزين، والوقود منخفض الانبعاثات—أي ضعف ما سيُستثمر في النفط والفحم والغاز مجتمعين.
ومن المتوقع أن تصل استثمارات الكهرباء وحدها إلى 1.5 تريليون دولار، أي بزيادة نحو 50% عن إجمالي الإنفاق على الوقود الأحفوري.
تستمر الطاقة الشمسية في تسجيل نمو مذهل في الاستثمارات، مع توقع وصولها إلى 441 مليار دولار في 2025 مقارنة بـ142 مليار دولار عام 2015، أي ارتفاع بنسبة 211%، لتصبح أسرع مصادر الطاقة نموًا على مستوى العالم.
من المتوقع أن تصل استثمارات شبكات الكهرباء إلى 413 مليار دولار هذا العام، بزيادة 25% عن 2015.
|
تطور الاستثمارات الموجهة لقطاع الكهرباء 2015-2025 |
|||
|
القطاع |
2015 (مليار دولار) |
2025 (مليار دولار) |
نسبة النمو |
|
الطاقة الشمسية |
142 |
441 |
+211% |
|
الشبكات |
331 |
413 |
+25% |
|
طاقة الرياح |
143 |
242 |
+69% |
|
الفحم |
91 |
82 |
(10%) |
|
الطاقة النووية |
45 |
74 |
+64% |
|
الغاز الطبيعي |
70 |
70 |
– |
|
الطاقة الكهرومائية |
59 |
70 |
+19% |
|
تخزين البطاريات |
– |
66 |
– |
|
أخرى |
55 |
36 |
(35%) |
|
الإجمالي |
936 |
1494 |
+60% |
ومع ذلك، يواجه القطاع تحديات كبيرة تشمل تأخيرات في التصاريح، ارتفاع تكاليف المعدات، وضغوط لتوسيع الشبكات لمواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء الناتج عن الطاقات المتجددة والذكاء الاصطناعي.
تُقدّر استثمارات طاقة الرياح لعام 2025 بنحو 242 مليار دولار، بزيادة 69% مقارنة بعام 2015. بينما سجلت أسواق أوروبا والبرازيل نشاطًا مكثفًا، حافظت الصين والهند على زيادة معتدلة، مما ساهم في استقرار النمو العالمي لهذا القطاع.
ارتفعت الاستثمارات النووية عالميًا بنسبة 64% لتصل إلى 74 مليار دولار، مدفوعة بالحاجة إلى كهرباء نظيفة ومستقرة، خصوصًا عبر مشاريع المفاعلات الصغيرة المعيارية (SMRs)، التي توفر طاقة موثوقة لتغطية تقلبات إنتاج الشمس والرياح.
تراجعت استثمارات الفحم إلى 82 مليار دولار، مقارنة بـ91 مليار دولار عام 2015، بفعل السياسات المناخية الصارمة وتراجع تمويل المشاريع عالية الانبعاثات الكربونية.
تمثل الصين أكبر مستثمر عالمي في الطاقة، حيث ساهمت بنحو ثلثي القدرة الكهربائية الجديدة من مصادر الطاقة المتجددة عالميًا في 2024، وارتفعت حصتها في الاستثمارات النظيفة من ربع الاستثمارات العالمية قبل عشر سنوات إلى نحو الثلث اليوم.
رغم التوجهات النظيفة، منحت الصين والهند موافقات لمحطات فحم جديدة بإجمالي قدرة 115 جيجاواط في 2024، وهو أعلى مستوى منذ 2015، مع استمرار الحاجة لتأمين الطاقة.
تواجه الدول النامية، وخصوصًا في أفريقيا، صعوبات في تعبئة رأس المال للطاقة بسبب تقلبات العملات وارتفاع أسعار الفائدة، حيث تصل تكلفة خدمة الديون إلى أكثر من 85% من الاستثمارات المتوقعة، ما قد يقلل الاستثمارات بنحو الثلث مقارنة بعام 2015.
