تصاعد الخلاف بين البيت الأبيض ورئيس الاحتياطي الفيدرالي.. هل يواجه “باول” خطر الإقالة؟

تتصاعد وتيرة الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، حيث لم تقتصر الانتقادات على رفض “باول” خفض أسعار الفائدة فقط، بل أصبحت تهديدات الإقالة تكتسب أبعادًا قانونية أكثر جدية مع تزايد الانتقادات بشأن إدارة مشروع تجديد مقر البنك المركزي.
في هذا السياق، كشف “كيفن هاسيت”، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض ومرشح محتمل لقيادة الفيدرالي، أن للرئيس صلاحية إقالة “باول” إذا توفرت مبررات قانونية، مشيرًا إلى أن البنك المركزي يتحمل مسؤولية تجاوز ميزانية مشروع تجديد مبنى الفيدرالي في واشنطن.
إذ كشف تقرير المفتش العام في فبراير أن تكلفة المشروع ارتفعت من 1.9 مليار دولار إلى 2.4 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 500 مليون دولار خلال عامين فقط.
على الرغم من تصريح ترامب السابق بأنه لن يسعى لإقالة “باول”، إلا أن إدارة البيت الأبيض تنظر بجدية إلى ملف التجديد الفخم كمبرر محتمل للإطاحة برئيس الفيدرالي قبل انتهاء ولايته المقررة في مايو 2026، أو على الأقل لزيادة الضغط عليه في ظل أجواء سلبية قد تدفعه إلى الاستقالة.
وفي هذا الصدد، شن راسل فوغت، مدير مكتب الميزانية بالبيت الأبيض، هجومًا لاذعًا على “باول” بسبب ما وصفه بالإسراف في مشروع التجديد، مشبهًا إياه بقصر فرساي الفرنسي، متهمًا الفيدرالي بتغيير الخطط المعتمدة مسبقًا ومخالفة القوانين، كما أوضح أن التحقيقات جارية بالتعاون مع لجنة تخطيط وطنية لمتابعة ملف سوء الإدارة المالية.
على المستوى القانوني، أوضحت المحكمة العليا أن الرئيس لا يمكنه إقالة مسؤولين في الفيدرالي دون سبب قانوني واضح، مما يجعل تحقيق البيت الأبيض في سوء إدارة “باول” للشؤون المالية نقطة حساسة قد تعرضه لخطر الإقالة.
في المقابل، يؤكد الفيدرالي أن التغييرات التي أدخلها على المشروع لا تستدعي مراجعة إضافية للخطط التي تم اعتمادها عام 2021.
ورد الفيدرالي رسميًا عبر موقعه الإلكتروني، مشيرًا إلى أن هذا هو أول تجديد كامل لمباني البنك منذ الثلاثينيات، وأوضح أن زيادة التكاليف تعود إلى ارتفاع أسعار المواد والعمالة، كما نفى وجود أي تجهيزات فاخرة مثل غرف الطعام الخاصة أو مصاعد كبار الشخصيات.
خلال شهادته أمام الكونغرس في يونيو، نفى “باول” بشدة وجود ميزات رفاهية في المشروع، مؤكدًا أن المبنى كان يعاني من مشكلات أمان مثل عدم مقاومته للماء، لكنه أقر بتجاوز الميزانية المقررة.
وأكد أن المشروع سيرفع من كفاءة العمل بتجميع الموظفين في مقر واحد، مما سيساعد على تقليل تكاليف الإيجار الخارجية.
ماذا لو أقال “ترامب” رئيس الفيدرالي؟ |
||
المسؤول |
|
رؤيته |
“بادرايك غارفي” الرئيس الإقليمي لأبحاث الأمريكتين لدى “آي إن جي”
|
|
سيكون هذا بمثابة إجبار فعلي لـ “باول” ذي السمعة الطيبة على التنحي منصبه من قبل الرئيس الأمريكي وهو حدث غير مسبوق بالنسبة للسوق. |
“جيم ريد” رئيس قسم الاقتصاد العالمي والأبحاث لدى “دوتشيه بنك”
|
|
يرى أنه من المرجح أن يؤدي رحيل “باول” إلى موجة بيع أولية واسعة النطاق للأسهم، لكن قد يهدئها تأكيد محافظي الفيدرالي على استقلاليته. |
“جورج سارفيلوس” الرئيس العالمي لأبحاث العملات الأجنبية لدى “دوتشيه بنك” |
|
يتجاهل المستثمرون بشدة خطر إقالة “باول” وتضع الأسواق احتمال إقالته هذا العام عند 20% فقط، ويشير مؤشر الدولار إلى أن المستثمرين لا يدركون أي تهديد محتمل لاستقلالية البنك المركزي، لكن إذا أقال “ترامب” رئيس البنك فستكون العواقب وخيمة. وتوقع تراجع الدولار حال حدوث ذلك على الفور من 3% إلى 4%، وسيتبع ذلك عمليات بيع واسعة النطاق لسندات الخزانة. كما يرى أن على الأسواق عدم تجاهل تهديدات “ترامب” فيما يتعلق باستقلالية الفيدرالي، لأن هناك سابقة تاريخية لتأثر البنك بالضغوط السياسية. لأن الرئيس “ريتشارد نيكسون” ضغط على رئيس البنك حينها “آرثر بيرنر” لإبقاء الفائدة منخفضة، وهو ما فاقم أزمة الركود التضخمي في أمريكا، لكن يرى “سارافيلوس” أن التدعيات ستكون أكثر خطورة اليوم نظرًا لارتفاع مستويات الديون. |
“إد ميلز” محلل السياسات لدى “ريموند جيمس” |
|
حذر من أن الأسواق لن تستجيب بشكل جيد لأي مؤشر على أن “باول” أو أي رئيس آخر للفيدرالي فقد استقلاليته وأصبح تحت سيطرة الرئيس، أعتقد أن هذا قد يكون له تأثير معاكس لما يهدفون إليه، إذا فقدت الأسواق ثقتها باستقلالية البنك، فلن تنخفض الفائدة بل سترتفع. |
ريبيكا باترسون الزميل بمجلس العلاقات الخارجية |
|
إذا مضى “ترامب” قدمًا في هذا الأمر، وشعر أن لديه ما يكفي من الأدلة لإقالة “باول” بسبب مشروع تجديد المقر، فسيكون ذلك بمثابة كارثة. موضحة أنه أمر غير مسبوق وسيدفع المستثمرين للتساؤل بشكل متزايد حول استقلالية أحد أهم المؤسسات في العالم. |
إقالة “باول” من منصبه قد تضع استقلالية الاحتياطي الفيدرالي على المحك، وتضر بمصداقية البنك في إدارة السياسة النقدية بعيدًا عن الضغوط السياسية، وقد تثير ردود فعل سلبية في الأسواق المالية، خاصة وول ستريت.
وتركز السيناريوهات الحالية على إمكانية إجبار “باول” على خفض الفائدة أو الاستقالة تحت وطأة الضغوط المتزايدة، أو أن يستغل ترامب ملف التجديد لتبرير الإقالة رسميًا. وفي كل الأحوال، تبقى حالة عدم اليقين سائدة حول مستقبل قيادة الفيدرالي ومسار سياسته النقدية.