الأخباراقتصاد المغرب

صناعة السيارات في المغرب تُهدد هيمنة إسبانيا على السوق الأوروبية

في ظل الاستراتيجيات المغربية التي تعتمد على خفض تكاليف الأجور وتوفير مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية المتزايد، أصبحت صناعة السيارات في المغرب محط اهتمام كبير في القارة الأوروبية.

ما يجعل هذه الصناعة تمثل تهديدًا متزايدًا لجارتها الشمالية، إسبانيا، التي كانت لعقود طويلة رائدة في هذا القطاع داخل أوروبا.

ففي السنوات الأخيرة، شهدت الصادرات المغربية من السيارات إلى أوروبا ارتفاعًا ملحوظًا، مما أثار قلق القطاع الصناعي الإسباني الذي اعتاد على الهيمنة في هذا المجال.

في هذا السياق، أشار موقع “إل ديباط موتور” المتخصص إلى أن المغرب يهدف إلى معادلة إسبانيا في إنتاج السيارات بحلول عام 2030.

واعتبر الموقع هذا الهدف تهديدًا خطيرًا للقطاع الصناعي الإسباني، خاصة أن تكاليف النقل عبر مضيق جبل طارق لا تتجاوز 100 يورو للسيارة الواحدة، ما يجعل النقل من المغرب خيارًا اقتصاديًا جذابًا.

وأضاف المصدر نفسه أن قرار شركة ميرسك بنقل أنشطتها من ميناء الجزيرة الخضراء إلى ميناء طنجة المتوسط قد أثار موجة من القلق الصناعي في أوروبا.

هذا التحول جاء بعد تطبيق مخطط التسريع الصناعي 2014-2020، الذي دفع صناعة السيارات المغربية إلى توجيه أنظارها نحو الأسواق الأوروبية، ما يعكس طموحات المملكة في التوسع بشكل أكبر.

واعتبر الموقع الإسباني أن المغرب، بتوجهه الاستراتيجي، اختار أن يكون “ذيل أسد بدلًا من رأس فأر”، بمعنى أنه قرر أن يوجه سياسته الصناعية نحو تلبية احتياجات القارة الأوروبية بدلاً من الاقتصار على السوق الإفريقية كما كان الحال في الماضي.

وقد أسفر هذا التوجه عن إنشاء بنية تحتية متطورة، مثل ميناء طنجة المتوسط، الذي يتيح للعديد من الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات فرصة العمل في بيئة مريحة وآمنة.

ويضاف إلى ذلك، أن قوة العمل المغربية المؤهلة والأجور المنخفضة تعد من العوامل الجاذبة للمستثمرين الأجانب، حيث يجدون في السوق المغربية بيئة عمل مثالية، مدعومة بسياسات تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين ودمج المرأة في سوق العمل.

و في عام 2023، أنتج المغرب حوالي 400 ألف سيارة، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى مليون سيارة في نهاية العام الجاري، مع طموحات للوصول إلى 2 مليون سيارة بحلول عام 2030.

هذه الأرقام تقترب من الرقم الذي تنتجه إسبانيا (2.38 مليون سيارة)، ما يشكل تهديدًا كبيرًا لهيمنة إسبانيا في هذا القطاع الأوروبي.

وبفضل قرب المسافة الجغرافية بين المغرب وأوروبا، وقدرة المغرب على استغلال الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة، أصبح للمملكة المغربية ميزة تنافسية إضافية، ما يعزز من جاذبية الاستثمار في هذه الصناعة.

و يواجه القطاع الصناعي الإسباني تحديات كبيرة بسبب تطور صناعة السيارات في المغرب، حيث تتواجد حاليًا ثلاثة مصانع أوروبية في المغرب تثير قلقًا بالغًا.

كانت هذه المصانع موجهة في البداية لتغطية احتياجات السوق الإفريقية للسيارات منخفضة التكلفة، لكن توجهها بدأ يتغير منذ عام 2004 عندما بدأت شركة رينو في إنتاج سيارات داسيا.

وتعد شركة رينو من أوائل الشركات التي دخلت السوق المغربية، حيث أنشأت مصنعها الأول في الدار البيضاء عام 1959، وكان مسؤولاً عن تجميع سيارات مثل فيات ورينو ميني.

اليوم، يُنتج هذا المصنع نحو 100,000 سيارة سنويًا من طرازي داسيا سانديرو ولوجان. وفي عام 2012، تم افتتاح مصنع آخر لشركة رينو في مدينة طنجة، والذي أصبح الآن واحدًا من أهم مصانعها في إفريقيا بقدرة إنتاجية تصل إلى 400 ألف سيارة.

ومن جهة أخرى، دخلت شركة “ستيلانتيس” عالم الصناعة المغربية في عام 2019، حيث افتتحت مصنعًا في القنيطرة قادرًا على إنتاج 400,000 سيارة سنويًا، مثل “بيجو 208″ و”سيتروين أمي”.

هذه الشبكة الصناعية المتطورة جعلت المغرب يتفوق على دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي في تصدير السيارات إلى أوروبا، بل يضعه في منافسة مباشرة مع دول صناعية كبيرة مثل اليابان.

وتُظهر المملكة المغربية اليوم التزامًا قويًا بتوسيع هذه الصناعة، من خلال توقيع عدة اتفاقيات لبناء مصانع ضخمة لإنتاج البطاريات، وهو ما سيعزز من مكانتها كمركز رئيسي لإنتاج السيارات في المستقبل.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى