بكين تضع ملامح خطتها الخمسية الجديدة وسط تباطؤ النمو وتوترات التجارة العالمية

تبدأ الصين، اليوم الإثنين، واحدة من أهم محطاتها السياسية والاقتصادية، حيث يعقد الحزب الشيوعي جلسة موسعة تمتد لأربعة أيام خلف أبواب مغلقة في قصر الشعب الكبير بالعاصمة بكين، بهدف رسم ملامح المسار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، في وقت يواجه فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم ضغوطًا متزايدة من تباطؤ النمو وتصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
وتضم الجلسة العامة للجنة المركزية للحزب نحو 200 عضو أصلي و170 عضوًا احتياطيًا، وهي بمثابة برلمان الحزب الذي يقرر الاتجاهات الكبرى للسياسات الوطنية.
وستُخصص هذه الدورة لمناقشة الخطوط العريضة للخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026-2030)، التي تمثل حجر الأساس لتحقيق أهداف الرئيس شي جينبينغ الطموحة في تعزيز الاكتفاء الذاتي التكنولوجي والاقتصادي، وتقوية القدرات الصناعية والعسكرية للبلاد.
ومن المتوقع أن تصدر عن الاجتماع، الذي يترأسه شي، وثيقة رسمية شاملة يوم الخميس المقبل، تتضمن أبرز القرارات والتوجهات التي ستعرض لاحقًا على البرلمان في مارس المقبل للمصادقة عليها، ضمن مسار سياسي منضبط يخضع بالكامل لقيادة الحزب الشيوعي.
تأتي هذه الاجتماعات في ظرف اقتصادي دقيق، يتّسم بضعف الطلب الداخلي واستمرار أزمة العقارات التي ألقت بظلالها على قطاعات واسعة من الاقتصاد، إلى جانب تصاعد الاحتكاكات التجارية مع الغرب.
ويرى خبراء أن بكين بحاجة ماسة إلى التحول من نموذج النمو القائم على الاستثمار والتصدير نحو نموذج يعتمد على الاستهلاك المحلي لتحفيز الاقتصاد من الداخل.
وتشير بيانات رسمية حديثة إلى تراجع أسعار الاستهلاك في سبتمبر على أساس سنوي، ما يعكس فتورًا في الإنفاق الأسري وثقة المستهلكين.
كما يثير الفائض في القدرات الإنتاجية مخاوف من تفاقم التوترات التجارية مع الشركاء الأجانب، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
وقالت الخبيرة الاقتصادية في “موديز أناليتيكس”، سارة تان، إن الصين “تحتاج إلى سياسة اقتصادية أكثر تنسيقًا تجمع بين الحد من فائض الإنتاج وتحفيز الطلب المحلي”، مؤكدة أن “الاختبار الحقيقي هو مدى قدرة الحكومة على الانتقال من التصريحات إلى التنفيذ الفعلي لإصلاحات تحفز الاستهلاك”.
يتزامن انعقاد الجلسة مع صدور بيانات اقتصادية مهمة للربع الثالث، تشمل النمو والإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة. وتشير توقعات المحللين إلى تباطؤ النمو عند 4.8%، وهو أضعف أداء فصلي خلال العام الجاري.
كما ينتظر المراقبون إشارات حول تغييرات محتملة في المناصب العليا، ضمن حملة مكافحة الفساد التي يواصلها الرئيس شي جينبينغ منذ سنوات، والتي أطاحت مؤخرًا بعدد من كبار المسؤولين، بينهم وزير الزراعة السابق تانغ رينجيان.
ويرى خبراء أن البيان الختامي للجلسة سيكون بمثابة فرصة لبكين لإعادة التأكيد على التزامها بمواصلة الإصلاح والانفتاح رغم الضغوط الدولية.
وقال الأستاذ في كلية “إيسيك” للأعمال في سنغافورة، هيرون ليم، إن “الصين ستسعى لإرسال رسالة مزدوجة إلى الداخل والخارج مفادها أن طموحاتها في النمو والريادة الاقتصادية لا تزال راسخة، رغم الرياح الجيوسياسية المعاكسة”.