المغرب على مفترق طرق: هل يستطيع تحقيق قفزة اقتصادية من خلال كأس العالم؟
يواجه المغرب تحديات كبيرة تتعلق بإرث تنظيم كأس العالم، خاصة في سياق التعاون مع إسبانيا والبرتغال.
و على الرغم من الحماس الكبير الذي يحيط بالبطولة، فإن تجربة الدول السابقة تشير إلى أن استضافة هذا الحدث قد لا تكون بالضرورة ميزة اقتصادية.
فبينما تجذب المباريات الأنظار، تتوارى خلفها أعباء اقتصادية ضاغطة قبل وأثناء وبعد الحدث.
من أبرز تلك الأعباء مشاريع تُعرف بـ “الفيل الأبيض”، التي تتضمن إنشاء منشآت مثل الملاعب التي تُستثمر فيها ملايين الدولارات، لكنها تُركَت بلا استخدام بعد انتهاء البطولة.
في هذا السياق، يفرض “فيفا” شروطًا صارمة للحد من هذه المشاريع، وهو ما ينطبق على المغرب، حيث يُخطط لبناء ملعب جديد هو “ملعب الحسن الثاني”، بالإضافة إلى إعادة تأهيل الملاعب القائمة، مما يسهم في استمرارية النشاط الرياضي والاقتصادي بغض النظر عن كأس العالم.
و شهدت تكاليف تنظيم كأس العالم ارتفاعًا كبيرًا في النسخ الأخيرة، حيث أنفقت قطر حوالي 220 مليار دولار على مونديال 2022، بينما بلغت تكاليف روسيا 11.6 مليار دولار في 2018.
بالمقارنة، كانت تكاليف مونديال 2010 في جنوب إفريقيا 3.6 مليار دولار، بينما كانت ألمانيا 4.3 مليار دولار، وهذا يعكس قفزات كبيرة في النفقات.
ورغم التكاليف الباهظة، يبقى الجدال قائمًا حول الفوائد الاقتصادية لتنظيم الأحداث الرياضية الكبرى. فبينما يشير خبراء إلى أن دولًا مثل البرازيل وجنوب إفريقيا لا تزال تعاني من تبعات مالية بعد استضافة المونديال، يؤكد الاتحاد الدولي لكرة القدم أن لهذه الفعاليات تأثيرًا إيجابيًا على الاقتصاد المحلي.
يرى رشيد ساري، رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن تنظيم المغرب لكأس العالم عام 2030 برفقة إسبانيا والبرتغال يمثل فرصة استثنائية لتحقيق قفزة اقتصادية. يُشير ساري إلى أن المغرب يختلف عن الدول التي عانت من آثار سلبية بعد تنظيم المونديال، حيث سيسعى لتعزيز بنيته التحتية.
يتمثل التحدي الرئيسي في تقليل تكلفة التنظيم، حيث يتوقع ساري أن تصل التكلفة إلى 53 مليار درهم (حوالي 5.5 مليار دولار).
كما يتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للمغرب إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2029، مما يعني أن هناك مجهودًا كبيرًا مطلوبًا في مجالات التسويق واستقطاب الاستثمارات.
يؤكد ساري أن تنظيم كأس العالم يمكن أن يساهم في تطوير البنية التحتية ويعزز النشاط الاقتصادي، مشيرًا إلى أهمية تحسين ظروف السياحة واستقطاب الزوار.
ومن المتوقع أن يشهد المغرب زيادة كبيرة في عدد السياح، ويقترح ساري ضرورة وضع حوافز لجذب الجماهير لمشاهدة المباريات في الدول الثلاث.
يحتاج المغرب إلى استغلال هذه الفرصة لتعزيز تسويق الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات، مع التأكيد على أن الاعتماد فقط على السياحة لن يحقق نتائج مستدامة. لذلك، يجب التركيز على تطوير قطاعات مثل الصناعة واللوجستيك لضمان استمرارية العائدات.
في النهاية، يمثل تنظيم كأس العالم فرصة للمغرب لتطوير بنيته التحتية وتحسين اقتصاده، لكن نجاح هذه الجهود يتطلب استراتيجيات محكمة واستثمارًا فعالًا في جميع المجالات.