هل الاكتتابات الأولية دائمًا فرصة استثمارية واعدة؟
في عام 2012، جلس “إيثان ميلر” أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به في صباح مشمس، يتابع عن كثب أخبار الاكتتاب العام الأولي لشركة فيسبوك، التي ستصبح لاحقًا “ميتا”.
كانت التوقعات بشأن نجاح الشركة في الأسواق مرتفعة جدًا، ما دفع ميلر إلى اتخاذ خطوة جريئة واستثمار جزء كبير من مدخراته التي تقدر بحوالي 250 ألف دولار في الاكتتاب.
في الأيام الأولى من طرح الأسهم، لم يكن الوضع كما توقع ميلر. شهدت الأسهم تقلبات شديدة، ولم تحقق الارتفاع المتوقع بسرعة.
لكن ميلر ظل متمسكًا بأسهمه، مؤمنًا بأن الشركة تملك إمكانيات كبيرة. وبعد مرور 11 عامًا، تحققت توقعاته، حيث ارتفعت قيمة أسهم ميتا بشكل كبير، ليحقق استثمار ميلر نحو 2.5 مليون دولار، بالإضافة إلى الأرباح التي حصل عليها.
لكن ميلر لم يكن الوحيد الذي استفاد من الاكتتابات العامة الأولية، فهناك ملايين آخرين الذين ربما جنى بعضهم مكاسب كبيرة، بينما خسر آخرون كل شيء. وهنا يبرز السؤال: هل الاكتتابات العامة الأولية دائمًا ما تكون فرصة رابحة للمستثمرين؟
و تمثل الاكتتابات العامة الأولية (IPO) مرحلة الانتقال التي تمر بها الشركات من كيان خاص إلى كيان يتم تداوله علنًا في البورصة.
و تعتبر هذه العملية فرصة للشركات لجمع رأس المال اللازم للنمو أو سداد الديون أو تحقيق أهداف أخرى. ولكن، مع الإقبال الكبير من المستثمرين على الاكتتابات العامة الأولية، تثار تساؤلات حول حقيقة الفرص التي توفرها.
عادةً ما يرافق الاكتتابات العامة الأولية اهتمام إعلامي كبير وحماس من قبل المستثمرين، حيث يمكن أن تكون وسيلة للشركات لجذب الأموال التي تحتاجها لتوسيع أنشطتها.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستثمرين شراء أسهم بسعر منخفض قبل أن تتخذ شركات الوساطة مواقف كبيرة فيها. ومع ذلك، فإن المستثمرين بحاجة إلى متابعة الطروحات القادمة من خلال المصادر الموثوقة مثل مواقع البورصات للحصول على معلومات دقيقة.
على الرغم من أن الاكتتابات العامة الأولية قد تكون فرصة لتحقيق مكاسب مالية، فإنها تحتوي على العديد من المخاطر. ففي بعض الأحيان، يمكن أن يتسبب الحماس المفرط من وسائل الإعلام والمستثمرين في تضخيم التوقعات، مما يؤدي إلى مبالغات في تقييم السعر.
أكبر 10 اكتتابات عامة أولية في العالم على الإطلاق
الترتيب |
الشركة |
قيمة الاكتتاب (بالمليار دولار) |
تاريخ الاكتتاب |
1 |
أرامكو |
25.6 |
دجنبر 2019 |
2 |
علي بابا |
21.8 |
شتنبر 2014 |
3 |
سوفت بنك |
21.3 |
دجنبر 2018 |
4 |
إن تي تي موبايل |
18.1 |
أكتوبر 1998 |
5 |
إيه أي إيه جروب |
17.8 |
أكتوبر 2010 |
6 |
فيزا |
17.4 |
مارس 2008 |
7 |
إينل سبا |
16.4 |
نونبر 1999 |
8 |
ميتا (فيسبوك سابقًا) |
16 |
مايو 2012 |
9 |
جينرال موتورز |
15.8 |
نونبر 2010 |
10 |
أي سي بي سي |
14 |
أكتوبر 2006 |
ومع ذلك، فإن الأداء الفعلي للأسهم قد يختلف بشكل كبير. بعض الاكتتابات قد تحقق مكاسب قصيرة الأجل، كما حدث مع شركة “سنوفلاك” في 2020، حيث تضاعفت أسهمها في اليوم الأول من التداول، بينما يمكن أن تكون بعض الاكتتابات الأخرى غير مثمرة على المدى الطويل.
العديد من الدراسات تشير إلى أن مكاسب الاكتتابات العامة الأولية في السنوات الثلاث التي تلي الطرح قد تكون أقل مقارنة بالأداء في الأيام الأولى من التداول. هذا يشير إلى أن الضجة الإعلامية حول الاكتتابات قد لا تعكس دائمًا إمكانيات الشركات الحقيقية.
هناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر على نجاح الاكتتاب العام الأولي. من أبرز هذه العوامل حالة السوق. ففي الأسواق الصاعدة، حيث تكون معنويات المستثمرين إيجابية، يمكن للاكتتابات العامة الأولية أن تنجح بشكل كبير.
أما في الأسواق الهابطة، حيث يزداد الحذر بين المستثمرين، فقد يكون أداء الاكتتابات ضعيفًا.
أيضًا، يلعب النموذج المالي للشركة ومجال عملها دورًا حاسمًا في تحديد ما إذا كان الاكتتاب العام الأولي سيكون ناجحًا أم لا. الشركات التي تتمتع بأساسيات قوية وخطط نمو واضحة ستكون أكثر قدرة على جذب اهتمام المستثمرين.
قبل الإقدام على الاستثمار في اكتتاب عام أولي، يجب أن يكون المستثمر على دراية كاملة بالمخاطر. أهم النصائح تتضمن ضرورة الحصول على معلومات شاملة عن الشركات المستعدة للطرح العام، وتحليل نماذج أعمالها، وصحة ماليتها.
كما ينصح الخبراء بقراءة نشرة الاكتتاب بعناية لأنها تحتوي على تفاصيل مهمة حول الفرص والمخاطر المحتملة.
أحد أهم النصائح هو التعامل مع الاكتتابات العامة الأولية بحذر. فبينما قد تبدو مغرية، فإنها لا تضمن دائمًا النجاح. المفتاح هو إجراء بحث شامل لفهم أساسيات الشركة وظروف السوق بعناية.
على الرغم من أن الاكتتابات العامة الأولية توفر فرصًا استثمارية كبيرة، فإنها تأتي مع مخاطر كبيرة أيضًا. المستثمرون الذين يتسمون بالحذر ويقومون بالبحث الدقيق حول الشركات قد يكونون قادرين على الاستفادة من هذه الفرص مع تقليل المخاطر المحتملة.