الاقتصادية

من يحدد أسعار الكهرباء في الولايات المتحدة؟ رحلة عبر النظام المعقد للطاقة

عندما نلاحظ ارتفاع أسعار البنزين أو انخفاضها، غالبًا ما نعرف السبب: تحركات أسعار النفط أو مشاكل في المصافي. أما أسعار الكهرباء فالقصة أكثر تعقيدًا.

هذا الصيف شهدت الفواتير ارتفاعًا كبيرًا في مناطق عدة، لكن تفسير السبب يختلف بحسب الجهة: سياسيون يلقون اللوم على القوانين المناخية، شركات المرافق تذكر تحديثات البنية التحتية، والمحللون يركزون على تقلبات أسعار الغاز الطبيعي.

أسعار الكهرباء لا تحددها جهة واحدة؛ بل هي نتيجة تفاعل عدة أطراف:

  • مزودو الوقود: الغاز الطبيعي، الفحم، اليورانيوم والطاقة المتجددة يحددون التكلفة الأساسية للتوليد. ارتفاع أسعار الغاز غالبًا يرفع أسعار الكهرباء، حتى في الأسواق المعتمدة على الطاقة المتجددة، لأن الغاز غالبًا ما يحدد السعر الهامشي.

  • منتجو الكهرباء: يقدمون عروضهم في الأسواق بالجملة بناءً على تكلفة الوقود والصيانة والعائد المطلوب. في الأسواق المنظمة، يُضاف هامش ربح يحمي المحطات من تقلبات السوق المباشرة.

  • مشغلو الشبكات: منظمات النقل الإقليمية (مثل PJM وERCOT وCAISO) تدير تدفق الكهرباء وتحدد الأسعار عند الذروة أو الازدحام.

  • شركات المرافق: تقوم بتوصيل الكهرباء إلى المستهلكين، وتستعيد التكاليف وفقًا للقوانين المنظمة أو تمرر الأسعار كما هي في الأسواق التنافسية.

  • الهيئات التنظيمية: توافق على الأسعار والعوائد المسموح بها، وتضع قيودًا على زيادات الأسعار. على المستوى الفيدرالي، تشرف لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية (FERC) على النقل بين الولايات.

  • المستثمرون: الضغط من المستثمرين يؤثر على تخصيص رأس المال وخيارات المشاريع، ويجعل شركات المرافق تميل إلى مشاريع كثيفة رأس المال تضمن استرداد التكاليف.

لماذا تتقلب الأسعار؟

أسعار الكهرباء متقلبة بسبب عدة عوامل:

  • تكاليف الوقود وخصوصًا الغاز الطبيعي.

  • الطقس القاسي الذي يضغط على الشبكة.

  • اختناقات البنية التحتية وازدحام خطوط النقل.

  • تصميم السياسات مثل تسعير الكربون وأسواق القدرة.

  • هيكل السوق: المرافق المتكاملة توفر استقرارًا، أما الأسواق التنافسية فتزيد التقلب.

أمثلة من الأسواق المختلفة

  • تكساس (ERCOT): أسعار الكهرباء قفزت إلى 9000 دولار لكل ميغاواط/ساعة خلال عاصفة الشتاء “يوري” 2021، أفلس خلالها مزودون كثيرون بينما حقق المستثمرون أرباحًا ضخمة.

  • كاليفورنيا (CAISO): الطاقة المتجددة وحرائق الغابات أدت إلى تقلبات شديدة؛ الأسعار تنخفض خلال الفوائض الشمسية وتزيد في أوقات الذروة مساءً.

  • نيو إنغلاند (ISO-NE): محدودية خطوط الغاز وارتفاعات الشتاء دفعت الأسعار إلى أكثر من 200 دولار لكل ميغاواط/ساعة رغم توفر قدرة توليد كافية.

الرابحون والخاسرون

  • الرابحون: شركات المرافق، المنتجون المستقلون، مستثمرو البنية التحتية.

  • الخاسرون: المستهلكون الذين يتحملون الصدمات السعرية، بينما الصناعات الكبرى غالبًا ما تكون محمية بعقود طويلة الأمد وبرامج استجابة للطلب.

أسعار الكهرباء ليست مجرد انعكاس للعرض والطلب، بل هي نتيجة نظام معقد متعدد الطبقات يضم مزودي الوقود، المنتجين، المشغلين، المنظمين، والمستثمرين.

الفاتورة التي يدفعها المستهلك تمثل تمويلًا لمشاريع البنية التحتية، أهداف السياسات، وعوائد المستثمرين. وفي النهاية، الرابحون هم من يفهمون “الرقصة” بين كل هذه الأطراف، بينما يبقى سعر الكهرباء هدفًا متحركًا للمستهلكين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى