من الليثيوم إلى الفضة.. المغرب يؤسس لعهد جديد في صناعة المعادن الاستراتيجية

كشفت التقارير الأخيرة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن (ONHYM) لعامي 2024 و2025 عن طفرة استكشافية حقيقية، تؤكد على موقع المغرب كلاعب رئيسي محتمل في أسواق المعادن الحيوية والطاقة النظيفة.
وتُظهر الحصيلة تركيزاً استراتيجياً على المعادن الأكثر طلباً في ثورة البطاريات والانتقال الطاقي، إلى جانب تعزيز البنية التحتية للغاز وتكثيف الشراكات الدولية.
تُعد النتائج المتعلقة بـ الليثيوم أبرز ما جاء في تقارير ONHYM. فقد أظهرت الأنشطة الاستكشافية تراكيز واعدة بلغت 863 جزءاً في المليون في مشروع “بئر المامي” بإقليم أوسرد، وهو معدن أساسي في صناعة البطاريات الكهربائية. وتم تتويج هذا الكشف بتوقيع اتفاقية بحث في نوفمبر 2024 مع شركة LARC Morocco SAS لتطوير هذا القطاع الحيوي.
وفي الإقليم نفسه، أكدت الدراسات الإمكانات الكبيرة لمشروع “ترغات” للمعادن الأرضية النادرة والنيوبيوم، وهي معادن ذات أهمية استراتيجية قصوى في التقنيات المتقدمة.
و في قطاع المعادن الأساسية والنفيسة، جاءت نتائج الحفر لتؤكد وجود احتياطيات ضخمة. ففي مشروع “زگوندر”، كشفت أعمال الحفر عن تراكيز فضة مذهلة وصلت إلى 7229 غراماً للطن.
كما تم تأكيد احتياطات هامة في مشروع “بومعادين” متعدد المعادن، تُقدر بـ 34.36 مليون طن من الفضة المعادلة.
أما بالنسبة لـ النحاس، وهو عصب الصناعة الكهربائية، فقد أظهرت أعمال الحفر في مشروع “أمان تازوگارت” مقاطع متمعدنة بسمك 8 أمتار تحتوي على 1.54 في المائة نحاس و35 غراماً للطن من الفضة. وتتجه الأنظار نحو بدء الاستغلال الصناعي لمشروع “تيزرت للنحاس” في الربع الأخير من عام 2025، باحتياطي مقدّر بـ 160 مليون طن.
لم تقتصر الاكتشافات على المعادن الحيوية والنفيسة. ففي قطاع المعادن الصناعية، أبرزت الدراسات وجود رمال سيليسية عالية النقاء (أكثر من 95% من أكسيد السيليكون) في منطقة عين ورما، وكاولين عالي الجودة الخزفي في بني يزناسن، وهي مواد خام أساسية لقطاع الإنشاء والصناعات الدقيقة.
و على صعيد الطاقة، تضع خطط ONHYM لعام 2025 وما بعده مشروع أنبوب الغاز الأفريقي الأطلسي (AAGP) في صدارة الأولويات، مع توقعات بإحداث الشركة الخاصة بالمشروع (AAGP SPV) خلال العام نفسه. واستمر المكتب في دعم إنتاج الغاز الطبيعي، مسجلاً إنتاجية إجمالية بلغت 25.49 مليون متر مكعب قياسي في 2024 بمنطقتي الغرب والصويرة.
وفي توجه جديد ومثير، أظهرت الأنشطة الاستكشافية في أحواض الخميسات وبرشيد وجود أنظمة نشطة لإنتاج الهيدروجين الطبيعي، بتركيز وصل إلى 0.6 في المائة، مما يفتح آفاقاً واعدة لمصادر طاقية جديدة ونظيفة.
ولدعم هذه الدينامية الاستكشافية غير المسبوقة، ضخ الشركاء استثمارات في قطاع المحروقات بلغت حوالي 1.019 مليار درهم في 2024، تزامنت مع حملة حفر استكشافية شملت أربع آبار. كما عمل المكتب على تعزيز بنيته التحتية التقنية، حيث تم الانتهاء من مشروع تحديث نظام المعلومات الجيولوجية والمعدنية (SIGMINES) في 2024، معززاً بذلك قدرته على إدارة البيانات الجيولوجية.
وفي خطوة لتعزيز مكانة المملكة الدولية، شارك المكتب بفاعلية في أعمال الهيئة الدولية لقاع البحار، داعماً بذلك جهود المغرب في الاستخدام المستدام للموارد البحرية وتحديد حدود الرصيف القاري الأطلسي.




