الاقتصادية

معركة براءات الاختراع وأزمة أسعار الأدوية…صراع بين الابتكار والحق في العلاج

في خضم التحديات القانونية التي تواجه صناعة الأدوية، برز تصعيد بارز في يناير 2023 بين شركتي “آبفي” الأمريكية و”بوهرنجر إنغلهيم” الألمانية، بعدما أعلنت الأخيرة عن كسر الحماية القانونية التي تحمي دواء “هيوميرا”، المستخدم لعلاج الأمراض الالتهابية والمناعية المزمنة.

هذه الخطوة جاءت بعد سنوات من النزاعات القضائية التي أدت إلى تأخير طرح نسخ بديلة أرخص في الأسواق، رغم موافقة الجهات التنظيمية عليها منذ عام 2016.

تتمحور هذه المعركة حول براءات الاختراع التي تمنح “آبفي” احتكاراً شبه مطلق لدوائها الذي يدر إيرادات تجاوزت 20 مليار دولار سنوياً.

وللحفاظ على هذا الاحتكار، لجأت الشركة إلى سلسلة من الدعاوى القانونية استهدفت منع دخول بدائل أرخص، في وقت ينتظر ملايين المرضى حول العالم تخفيف الأعباء المالية على علاجهم.

براءات الاختراع، التي يُفترض أن تكون أداة لحماية الابتكار، أصبحت في كثير من الحالات وسيلة لإطالة أمد الاحتكار.

الشركات تضيف تعديلات طفيفة على الدواء الأصلي للحصول على براءات جديدة، وهو ما يعرف بـ”إطالة عمر البراءة”، كما حدث مع “هيوميرا” التي تمتلك في الولايات المتحدة أكثر من 100 براءة اختراع، مما أجل دخول البدائل لأكثر من 20 عاماً.

تُثير هذه الممارسات غضباً واسعاً، لا سيما وأن سعر الدواء الأصلي يصل إلى نحو 7 آلاف دولار شهرياً خارج نطاق التأمين الصحي، في حين تقدم البدائل الجنيسة أسعاراً تقل بنسبة 55 إلى 85%.

استراتيجية أخرى مثيرة للجدل هي “الدفع مقابل التأخير”، حيث تدفع شركات الأدوية المالكة للدواء الأصلي لمنافسيها الجنيسيين مبالغ مالية لتأجيل طرح النسخ الأرخص في السوق، مما يضمن لها استمرارية الهيمنة على الأسعار ويرفع كلفة العلاج على المرضى وأنظمة التأمين.

أكبر 7 شركات أدوية في العالم حسب حجم الإيرادات (بحسب موقع درج ديسكفريتريندز)

الترتيب

الشركة

الإيرادات السنوية

(مليار دولار الأمريكي)

الدولة

1

فايزر

 63.6 

الولايات المتحدة

2

جونسون آند جونسون

54.8

الولايات المتحدة

3

آبفي

54.3

الولايات المتحدة

4

ميرك

53.6

الولايات المتحدة

5

روش

49.9

سويسرا

6

سانوفي

46.2

فرنسا

7

أسترازينيكا

45.8

المملكة المتحدة

في 2024، شرعت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية في إجراءات ضد عدد من شركات الأدوية بسبب هذه الممارسات، معتبرة إياها انتهاكاً لقوانين المنافسة ومضرّة بالمستهلكين.

على الصعيد الدولي، لجأت بعض الشركات إلى مقاضاة حكومات اتخذت إجراءات لصالح الصحة العامة أو خفضت أسعار الأدوية، كما حدث مع شركة فايزر التي رفعت دعوى ضد بولندا بعد قرارها استبعاد جرعة معززة من لقاحها لصالح بدائل أرخص، في ما أثار تساؤلات حول استقلالية السياسات الصحية أمام التهديدات القانونية.

في المقابل، اتخذت دول مثل جنوب أفريقيا خطوات حاسمة من خلال إصدار تراخيص إلزامية لإنتاج نسخ جنيسة في حالات الطوارئ الصحية، ما اعتُبر انتصاراً لحقوق المرضى والحكومات في حماية صحة شعوبها.

وفيما تؤكد شركات الأدوية الكبرى على ضرورة حماية براءات الاختراع لضمان استرداد استثماراتها الضخمة في تطوير الأدوية الجديدة، يظل الخلاف قائماً حول التوازن بين الابتكار وحماية الحق الإنساني في الحصول على العلاج بأسعار مناسبة.

تتجلى هذه المواجهة في مختبرات البحث العلمي وقاعات المحاكم ومفاوضات الكواليس، حيث يتحدد مستقبل ملايين المرضى الذين ينتظرون حقهم في دواء ميسور وفعال.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى