فشل المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة واليابان في قمة مجموعة السبع يهدد الاقتصاد الياباني بالركود

أعلنت قمة مجموعة السبع في كالغاري عن فشل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا في التوصل إلى اتفاقية تجارية شاملة، ما يرفع من احتمالات تعرض اليابان لركود اقتصادي محتمل، وسط استمرار تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على اقتصادها.
وقال إيشيبا للصحفيين بين جلسات القمة إن هناك خلافات جوهرية ما زالت قائمة بين الطرفين، مما حال دون إبرام صفقة، مشيراً إلى أن المفاوضات ستستمر لكن دون تحديد موعد نهائي لاتفاق.
وكان من المتوقع أن تقدم الاتفاقية تنازلات في ملفات حساسة بالنسبة لليابان، أبرزها رسوم السيارات الأميركية، الأمر الذي كان من شأنه أن يعزز موقف إيشيبا السياسي خصوصاً بعد خسارته في الانتخابات الوطنية الماضية التي أبقته على رأس حكومة أقلية.
غير أن رئيس الوزراء الياباني اختار التمسك بحماية مصالح بلاده الوطنية، مفضلاً عدم التسرع في إبرام اتفاق قد يكون غير مرضٍ، مؤكداً أنه سيواصل التنسيق مع الولايات المتحدة للوصول إلى حل متوازن يخدم الطرفين دون التفريط في مصالح اليابان.
ويشير استطلاع أجرته صحيفة “ماينيشي” إلى أن أغلبية تصل إلى 62% من اليابانيين يفضلون موقف الحكومة الرافض للتنازلات السريعة، مما يعكس دعم الجمهور لتوجه إيشيبا الحذر.
على مدى الأسابيع التي سبقت القمة، شهدت المفاوضات تواصلاً مكثفاً بين الجانبين، حيث أجرى إيشيبا ثلاثة مكالمات هاتفية مع ترامب، وقام كبير المفاوضين اليابانيين ريوسي أكازاوا بست زيارات إلى واشنطن.
لكن رغم هذه الجهود، وصفت المفاوضات بأنها كانت “كالمشي وسط الضباب”، مما يعكس غموض المواقف وعدم وضوح الطريق نحو الاتفاق.
وتخضع اليابان لرسوم جمركية أميركية مرتفعة، منها 25% على السيارات وقطع الغيار، و50% على الفولاذ والألمنيوم، إضافة إلى رسوم متزايدة من 10% إلى 24% على سلع أخرى متوقع تطبيقها في يوليو القادم، ما يضع ضغطاً إضافياً على الاقتصاد.
ويعد قطاع السيارات في اليابان من أكثر القطاعات تأثراً، حيث يوفر حوالي 5.6 مليون وظيفة ويمثل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وسط خسائر متوقعة تفوق 19 مليار دولار هذا العام بسبب هذه الرسوم. وعبّر إيشيبا بوضوح عن أن حماية هذا القطاع تعتبر “مصلحة وطنية قصوى” لبلاده.
في محاولة لتقليل العجز التجاري مع الولايات المتحدة، قدمت اليابان عروضاً تتضمن زيادة واردات فول الصويا الأميركي والتعاون في صناعة السفن، كما حاولت الضغط من خلال تسليط الضوء على استثماراتها الضخمة في الاقتصاد الأميركي التي بلغت 783 مليار دولار حتى نهاية 2023، وتعهد إيشيبا برفعها إلى تريليون دولار.
رغم هذه التنازلات، لم تبدِ واشنطن تجاوباً كافياً، وبقيت مطالب إزالة الرسوم بالكامل محور النقاشات، دون اتفاق ملموس.
في الداخل الياباني، ارتفعت شعبية إيشيبا مؤخراً بفضل إدارته لقضية ارتفاع أسعار الأرز، لكن فشل المحادثات قد يعرضه لضغوط سياسية متزايدة، مع نية المعارضة تقديم اقتراح بسحب الثقة منه.
بينما كانت اليابان تعتبر في البداية الأقرب للتوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة مقارنة بدول أخرى، إلا أن المفاوضات المتعثرة وضعتها في موقف أضعف، خصوصاً مع توقيع واشنطن لاتفاقيات مع المملكة المتحدة وتوصلها إلى هدنة مع الصين بشأن الرسوم الجمركية.