الاقتصادية

ديب سيك الصينية تُشعل حرب الذكاء الاصطناعي: هل تُعيد تشكيل المشهد التكنولوجي العالمي؟

أثارت شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة ضجة كبيرة في الشهر الماضي بعدما أعلنت عن تقدمها المذهل في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعتبر تهديدًا مباشرًا للشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا الغربية.

و استطاعت الشركة تحقيق نتائج متفوقة باستخدام موارد أقل، ما أثار القلق في الأوساط الأمريكية وفتح الباب أمام الاتهامات القانونية.

شركة “أوبن إيه آي” التي تطور “شات جي بي تي” أكدت أن “ديب سيك” قد تكون اعتمدت على محاكاة استجابات نماذجها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وهو ما اعتبرته تصرفًا غير قانوني. وشددت “أوبن إيه آي” على أن شروطها تمنع من نسخ خدماتها أو استخدامها لتطوير نماذج منافسة.

بدورها، اتهمت “مايكروسوفت” الشركة الصينية باستخراج كميات ضخمة من البيانات عبر واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بـ”أوبن إيه آي”.

وفي تعليق من البيت الأبيض، تم التأكيد على وجود أدلة تشير إلى أن “ديب سيك” اعتمدت على نتائج نماذج “أوبن إيه آي” لتطوير تقنياتها عبر تقنية “التقطير”، حيث يتم تدريب نموذج أصغر باستخدام مخرجات نموذج أكبر وأكثر تطورًا.

التقطير هو عملية تدريب نماذج أصغر على تقليد سلوك نماذج أكبر، ويعتبر حلاً عمليًا لتطوير نماذج قوية بتكاليف أقل.

و يمكن من خلال هذه التقنية الاستفادة من جودة النماذج الكبيرة مع تقليل التكاليف، ما يجعلها مثالية للشركات التي تسعى لتحقيق أداء قوي بتكاليف منخفضة.

8101e315 f12d 412c 865e d5ad8e303694 Detafour

تعد “ديب سيك” تهديدًا مباشرًا لشركات التكنولوجيا الكبرى التي أنفقت مليارات الدولارات على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة ومعقدة. فباستخدام تقنية التقطير، يمكن تطوير نموذج قوي خلال أسابيع قليلة بتكاليف أقل بكثير.

و على سبيل المثال، تكلفة تدريب نموذج “v3” الذي تطوره “ديب سيك” كانت 5.6 مليون دولار فقط، مقارنة بمليارات الدولارات التي تم إنفاقها على تطوير نماذج مثل “شات جي بي تي”.

التقطير يفتح آفاقًا جديدة في الذكاء الاصطناعي، حيث يعزز من كفاءة النماذج الصغيرة ويوفر حلًا للتحديات المتعلقة بالتكلفة والتعقيد. هذه التقنية تظهر إمكانات هائلة في مجالات متعددة مثل القيادة الذاتية والرعاية الصحية.

التحسن السريع في تقنيات “ديب سيك” أثار قلق العديد من المسؤولين الأمريكيين، الذين يعتبرون أن الشركة الصينية قد تكون استفادت بشكل غير قانوني من بيانات الشركات الغربية. هذا التصعيد في الهجوم على الشركة الصينية يعكس التوترات التجارية والتقنية المتصاعدة بين أمريكا والصين.

فيما يشهد القطاع التقني تطورًا سريعًا، يُتوقع أن يتم تطوير المزيد من نماذج الذكاء الاصطناعي باستخدام تقنية التقطير، مع محاولات من شركات مثل “Hugging Face” لتطوير نماذج مشابهة.

وقد بدأ باحثون في جامعة كاليفورنيا بيركلي في محاولة إنتاج نموذج “R1” من “ديب سيك” بتكاليف منخفضة.

في النهاية، يبدو أن “ديب سيك” تمثل مجرد بداية لعصر جديد في الذكاء الاصطناعي، حيث تقترب الشركات الصينية من التفوق على نظرائها الغربية، ما يثير تساؤلات حول مستقبل المنافسة في هذا المجال.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى