جولدمان ساكس : تصحيح وشيك في سوق الأسهم الأمريكية قبل منتصف 2025

يشير نموذج إحصائي أعده بنك “جولدمان ساكس” في 28 فبراير 2025 إلى تزايد احتمالية حدوث تصحيح سوقي في الأسهم الأمريكية قبل حلول منتصف العام 2025، بعد أن كان البنك قد استبعد هذا الاحتمال سابقًا.
تأتي هذه التحذيرات في وقت يُراقب فيه المتداولون والمستثمرون الأسواق الأمريكية بقلق، لا سيما في ظل نمو أسهم الذكاء الاصطناعي وانخراط مستثمرين غير محترفين في السوق، إلى جانب وصول مؤشر “ستاندرد أند بورز” إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، متجاوزًا 6 آلاف نقطة للمرة الأولى.
خلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتفعت أسواق الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ، بفضل عوامل متعددة أبرزها ثورة الذكاء الاصطناعي، وقوة الدولار، واستمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.
علاوة على ذلك، أظهرت البيانات الاقتصادية تحسنًا كبيرًا، حيث سجل الاقتصاد الأمريكي نموًا بنسبة 2.9% و2.8% في عامي 2023 و2024 على التوالي. ولكن مع هذه الارتفاعات، تتزايد التحذيرات من حدوث تصحيح أو تراجع في السوق.
المتغير الأهم الذي يترقبه المحللون هو مستقبل استثمارات الذكاء الاصطناعي. على الرغم من ضخ الأموال في هذا القطاع، فقد شهدنا تراجعًا مفاجئًا في أسهم “انفيديا” في يناير 2025 بعد انخفاض قيمتها بنسبة 17% في يوم واحد.
هذا التراجع، الذي جاء نتيجة ظهور نماذج صينية للذكاء الاصطناعي أقل تكلفة، يثير الشكوك حول استدامة هذا النمو في أسواق الذكاء الاصطناعي، ويزيد من حالة القلق بشأن الأصول المرتبطة بهذا القطاع.
في حين أن “انفيديا” قد استعادت بعض خسائرها، فإنها شهدت انخفاضًا بنسبة 18% منذ يناير 2025. وعلى الرغم من الدعم الحكومي الأمريكي لمواصلة الريادة في الذكاء الاصطناعي، إلا أن شكوكًا حول تكلفة النماذج الصينية قد تؤثر على أداء السوق بشكل عام.
من ناحية أخرى، يُظهر مؤشر “ناسداك” -المؤشر الأهم للأسهم التكنولوجية- انخفاضًا بنسبة 2.25% في أول شهرين من عام 2025، وهو انخفاض غير مسبوق في السنوات العشر الأخيرة، ما يشير إلى حالة من التشاؤم النسبي تجاه الأسهم التكنولوجية.
إذا تأكدت المخاوف بشأن انخفاض تكلفة النماذج الصينية للذكاء الاصطناعي، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع مستمر في أسهم الشركات الكبرى مثل “انفيديا”، “مايكروسوفت”، “ميتا”، “أمازون”، “ألفابت”، “تسلا”، و”آبل”.
و مع ذلك، يمكن أن تكون “آبل” هي الاستثناء في هذا السياق نظرًا لعدم ضخ استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى التوترات الاقتصادية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، تلوح في الأفق التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية على أكبر شركائها التجاريين، مثل الصين والاتحاد الأوروبي وكندا.
قد تؤدي هذه الحروب التجارية إلى تراجع الصادرات الأمريكية، التي بلغت قيمتها 3.2 تريليون دولار في 2024، مما يشكل خطرًا على النمو الاقتصادي.
توقعات النمو الاقتصادي الأمريكي في الربع الأول من 2025 تشير إلى انكماش محتمل بنسبة -1.5%، وهو ما قد يكون نتيجة لارتفاع الواردات، وانخفاض الاستهلاك الشخصي، ما يعكس تحذيرات جدية من تباطؤ اقتصادي قد يضعف السوق.
ورغم أن الدولار الأمريكي قد يستفيد في الوقت الحالي من ارتفاع العوائد على السندات الأمريكية، إلا أن خفض الفائدة المتوقع قد يضعف قوته، ما يؤدي إلى تقلبات في الأسواق المالية.
هذه المؤشرات المتنوعة، سواء المتعلقة بالذكاء الاصطناعي أو التوترات التجارية أو تباطؤ الاقتصاد، تثير احتمالات حدوث تصحيح في السوق، وقد يدفع ذلك المستثمرين نحو اتخاذ مواقف دفاعية.
وتوصي العديد من شركات السمسرة بزيادة الاستثمارات في الأسهم الدفاعية الأقل مخاطرة، التي توزع الأرباح، مع زيادة نسبة السيولة تحسبًا لأي تراجع في السوق.
باختصار، رغم أن السوق الأمريكية شهدت ارتفاعات ملحوظة في السنوات الأخيرة، فإن هناك دلائل على وجود مخاطر قد تؤدي إلى تصحيح السوق. والتحدي الأكبر سيكون في التكيف مع هذه المتغيرات واختيار الاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع التحديات المحتملة.