جدل حول تقرير الوظائف الأمريكي: هل تعكس الأرقام الواقع أم تخضع للتلاعب السياسي؟

تعرض تقرير الوظائف لشهر يوليو في الولايات المتحدة لهجوم وانتقادات واسعة، بعد أن أظهرت البيانات الرسمية نموًا ضعيفًا بإضافة 73 ألف وظيفة فقط، مع تعديل بيانات شهري مايو ويونيو بتخفيض إجمالي قدره 258 ألف وظيفة.
هذه التعديلات الكبيرة أثارت غضبًا سياسيًا، حيث اتهم الرئيس السابق دونالد ترامب مكتب إحصاءات العمل بالتلاعب بالبيانات لأهداف سياسية، ما أدى إلى إقالة مديرة المكتب إريكا ماكنترفر.
من جهته، نفى ويليام بيتش، مدير مكتب إحصاءات العمل السابق الذي عينه ترامب خلال ولايته الأولى، أي تدخل من قبل مدير المكتب في جمع أو تحليل البيانات، موضحًا أن المدير يطلع على النتائج قبل صدورها بيومين فقط، وهو ما يعكس استقلالية العمل الإحصائي.
تعتمد بيانات التوظيف على مصدرين رئيسيين: الأول هو مسح للأسر يضم حوالي 60 ألف أسرة متنوعة يتم تحديثها دوريًا، ويجريه حوالي ألفي موظف ميداني عبر مقابلات شخصية تقتصر على 4 أشهر متتالية لكل أسرة.
أما المصدر الثاني فيتعلق بمسح يجرى مع أكثر من 120 ألف منشأة من القطاعين العام والخاص، يجمع معلومات عن عدد الوظائف، ساعات العمل، والأجور من خلال الإنترنت أو الهاتف، ثم تخضع هذه البيانات لعدة مراحل مراجعة دقيقة من قبل المحللين.
وتجري مراجعات دورية للبيانات الأولية لضمان دقتها، حيث يُمنح أصحاب العمل ثلاث فرص لتقديم معلوماتهم الصحيحة، وعند تأخر البعض يتم تقدير الأرقام بناءً على سلوك منشآت مماثلة، مع تحديثها لاحقًا بمجرد وصول البيانات الحقيقية. وهذا النظام يعكس التزام المكتب بالنزاهة والدقة، كما أكدته إريكا جروشين، مديرة المكتب السابقة.
يذكر أن التعديلات الكبيرة في بيانات التوظيف ليست أمرًا جديدًا، إذ تحدث عادةً في أوقات الاضطراب الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، شهد عام 2008 أثناء الأزمة المالية عدة مراجعات كبيرة للبيانات.
كذلك، توقع العديد من الاقتصاديين حدوث تعديل في بيانات يونيو التي أظهرت ارتفاعًا غير معتادًا في وظائف التعليم خلال فترة العطلة الصيفية.
أشارت كاثرين أبراهام، المفوضة السابقة لمكتب إحصاءات العمل، إلى أن التحديات في جمع البيانات وعدم تطوير الأساليب الإحصائية، إلى جانب حالة التباطؤ الاقتصادي وعدم اليقين بسبب الرسوم الجمركية، ساهمت في زيادة صعوبة الحصول على بيانات دقيقة.
في خضم هذا الجدل، يرى خبراء مثل نانسي بوتوك، الكبيرة السابقة للإحصائيين في الولايات المتحدة، أن الحل لا يكمن في إقالة المسؤولين، بل في تعزيز الاستثمار في نظام الإحصاءات الفيدرالي لضمان استقلاليته وتحسين كفاءته، مما يقلل الحاجة إلى تعديلات كبيرة على بيانات التوظيف في المستقبل.