اقتصاد المغربالأخبار

تقرير مشترك يُحذر من هشاشة أنظمة التقاعد العمومية في المغرب

أصدرت كل من بنك المغرب، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS)، والهيئة المغربية لسوق الرساميل (AMMC)، تقريرها السنوي الثاني عشر حول الاستقرار المالي، مركّزًا بشكل خاص على وضعية صناديق التقاعد في المغرب، ومؤكدًا استمرار التحديات البنيوية العميقة التي تواجه هذه الأنظمة، على الرغم من تسجيل بعض التحسن في المؤشرات المالية خلال سنة 2024.

أبرز التقرير أن الإجراءات المتخذة في إطار الحوار الاجتماعي الموقع في أبريل 2024، وعلى رأسها الزيادة في الأجور، ساهمت في رفع مساهمات المنخرطين في صناديق التقاعد العمومية، لا سيما الصندوق المغربي للتقاعد (CMR-RPC) والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR-RG). وقد خففت هذه المساهمة بشكل جزئي من حجم العجز التقني، غير أنها لم تتمكن من تغيير المسار الهيكلي المقلق الذي يسير فيه النظام.

ففي ما يخص نظام CMR-RPC، تراجعت احتياطياته بنسبة 7,1% خلال 2024، لتستقر عند 57,4 مليار درهم، وهو تراجع يعكس مسارًا تنازليًا خطيرًا بمعدل سنوي يناهز 6,4% خلال السنوات الخمس الأخيرة. ومنذ سنة 2014، تراكم عجز تقني بلغ 60,3 مليار درهم، ما يُنذر بنفاد الاحتياطيات خلال السنوات القليلة المقبلة ما لم تُتخذ إصلاحات جوهرية.

أما على صعيد الأداء المالي، فقد سجل الصندوق ارتفاعًا في الاشتراكات بنسبة 10,6% لتصل إلى 31,9 مليار درهم، مقابل ارتفاع في المعاشات بنسبة 6% إلى 39,1 مليار درهم، مما أدى إلى خفض العجز التقني إلى 7,2 مليار درهم، وتحقيق فائض مالي استثنائي قدره 3,4 مليار درهم.

ومع ذلك، يبقى العجز الإجمالي قائمًا في حدود 4 مليارات درهم. وتُظهر بيانات الاستثمار أن ما يقرب من 54,3% من محفظة الصندوق مستثمرة في سندات ذات عائد ثابت، و34,3% في الأسهم، و10,3% في الأصول العقارية، ما يعكس توجهًا محافظًا يراعي محدودية المخاطر.

بالنسبة لنظام RCAR-RG، فقد سجل بدوره نموًا في الاشتراكات بنسبة 6,9% لتبلغ 3,5 مليار درهم، بينما بلغت المعاشات 8,1 مليار درهم بعد ارتفاع بنسبة 5,4%.

وسجل النظام عجزًا تقنيًا بلغ 4,5 مليار درهم، غير أن الأداء الاستثماري القوي ساعد في تحقيق فائض إجمالي بلغ 1,2 مليار درهم، وهو ما وفّر له بعض الهوامش لمواصلة تمويل التزاماته في المدى القصير.

وأكد التقرير أن الأثر الإيجابي لزيادة الأجور على التوازنات المالية لهذه الصناديق يبقى محدودًا في الزمن، إذ لا يؤخر استنزاف الاحتياطيات سوى سنتين إلى ثلاث سنوات في أحسن الأحوال، خاصة في ظل الاستمرار في تطبيق تسعيرات غير كافية، وشروط استفادة مرنة تُفاقم التكاليف بشكل غير مستدام.

في القطاع الخاص، واصلت الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) إظهار توازن مالي نسبي خلال 2024، حيث سجل فائضًا إجماليًا قدره 4 مليارات درهم، مستفيدًا من نمو الاشتراكات بنسبة 6,7% لتصل إلى 19,3 مليار درهم، في حين ارتفعت المعاشات إلى 16,9 مليار درهم بزيادة 6,3%.

ومع ذلك، أشار التقرير إلى وجود اختلالات هيكلية داخل النظام، ناجمة عن ضعف التسعير، وسهولة شروط الاستفادة، وهو ما يُهدد توازن الصندوق على المدى البعيد ما لم تُعتمد إصلاحات هيكلية فعالة.

من جهتها، واصلت الصندوق المهني المغربي للتقاعد (CIMR) تقديم أداء قوي ومستقر، حيث سجلت زيادة في الاشتراكات بنسبة 8,8% لتصل إلى 12 مليار درهم، في مقابل ارتفاع طفيف في المعاشات بنسبة 3,5% لتبلغ 7 مليارات درهم.

وقد حقق الصندوق فائضًا تقنيًا بلغ 5 مليارات درهم، وفائضًا ماليًا قدره 4,1 مليار درهم، ليصل إجمالي الفائض إلى 8,2 مليار درهم، مما يعزز من قدرته على بناء احتياطات مستدامة ومواجهة الالتزامات المستقبلية بثقة أكبر.

وشدد التقرير في ختامه على الحاجة الملحة لإصلاح شامل وهيكلي لصناديق التقاعد العمومية، يرتكز على أربعة محاور أساسية:

  1. مراجعة نظام التسعير بشكل يضمن توازنًا بين المساهمات والمنافع.

  2. رفع سن التقاعد تدريجيًا ليتماشى مع تطور متوسط العمر.

  3. إعادة النظر في شروط الاستفادة بما يعزز العدالة والاستدامة.

  4. تحسين حكامة الاستثمار لتحقيق أفضل مردودية ممكنة ضمن مستويات مقبولة من المخاطر.

كما دعا التقرير إلى تسريع ورش الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد الوطنية، بهدف الانتقال نحو نظام موحد ومتعدد الأقطاب، يضمن الحماية الاجتماعية للأجيال الحالية والمستقبلية، دون المساس بتوازنات المالية العمومية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى