اقتصاد المغرب

تقرير : المغرب أصبح وجهة استثمارية صاعدة تقودها البنية التحتية والاقتصاد المتنوع

يواصل المغرب تأكيد مكانته كوجهة استثمارية مفضلة في القارة الأفريقية، مستفيدًا من استقرار سياسي، وبيئة أعمال جاذبة، وتنوع اقتصادي غير مسبوق.

هذا ما كشف عنه مؤشر “المخاطر والمكاسب في أفريقيا 2025” الصادر عن شركتي “كونترول ريسكس” و”أوكسفورد إيكونوميكس إفريقيا”، والذي أظهر أن المملكة تحقق توازنًا فريدًا بين انخفاض المخاطر وارتفاع المكاسب، مما يمنحها ميزة تنافسية واضحة مقارنة بغيرها من الاقتصادات الصاعدة في القارة.

ووفقًا للتقرير، سجل المغرب تقدمًا لافتًا في نسخة سبتمبر 2025، حيث ارتفعت درجة “المكاسب” من 5.00 إلى 5.31 نقطة، بينما تراجعت درجة “المخاطر” بشكل طفيف من 4.01 إلى 3.88 نقطة.

هذا التحسن الصافي، الذي بلغ 0.44 نقطة، يؤكد أن الجهود الإصلاحية التي تبذلها المملكة تؤتي ثمارها على أرض الواقع، مما يعزز ثقة المستثمرين الأجانب.

التقرير المشترك لم يأتِ على هذا التطور من فراغ، بل ربطه مباشرة بعدة عوامل أساسية. فالمغرب، بفضل موقعه الجغرافي الفريد كبوابة لأفريقيا على العالم، قد استثمر بشكل مكثف في البنية التحتية.

ميناء طنجة المتوسط، وشبكة الطرق والسكك الحديدية الحديثة، إلى جانب المشاريع الطموحة في مجال الطاقات المتجددة، جعلت من المملكة “حجر زاوية” في حركة التجارة العالمية، وليس مجرد نقطة عبور.

كما أشار التقرير إلى أن برنامج التحديث الاقتصادي للمملكة قد أثمر قاعدة صناعية متنوعة، تشمل قطاعات متطورة مثل صناعة السيارات، والطيران، والطاقة الخضراء. هذا التنوع يقلل من الاعتماد على قطاع واحد، ويمنح الاقتصاد المغربي مرونة أكبر في مواجهة الصدمات الخارجية.

و في مقارنة مع اقتصادات أفريقية كبرى، برز المغرب بنموذجه المستقر. فبينما سجلت إثيوبيا ونيجيريا معدلات مكاسب أعلى (6.95 و 5.55 نقطة على التوالي)، إلا أنهما يواجهان تحديات كبيرة بسبب ارتفاع معدلات المخاطر (7.47 و 7.56 نقطة).

هذا التباين يوضح أن المستثمر لا يبحث فقط عن الربح السريع، بل يبحث أولاً وقبل كل شيء عن الأمان والاستقرار. ومع درجة مخاطر لا تتجاوز 3.88 نقطة، يضع المغرب نفسه في مصاف الدول الأقل خطورة للاستثمار في القارة.

التقرير لم يغفل الإشارة إلى التحولات الجوهرية في استراتيجية المغرب التمويلية. فالبلاد تسعى لتقليل الاعتماد على الديون الخارجية المقومة بالدولار، وتتجه نحو أدوات تمويل أكثر استقلالية، مثل السندات المحلية، والاستفادة من صناديق التقاعد الوطنية، وتعزيز مساهمة الجالية المغربية في الخارج. هذه السياسات تعكس توجهًا أوسع في القارة نحو التمويل الذاتي وتعزيز الاستقرار المالي.

كما أكد التقرير أن المغرب لم يعد يكتفي بكونه منصة تصنيع موجهة نحو السوق الأوروبية، بل يوسع شراكاته الأفريقية بشكل متزايد، من خلال الانخراط في مبادرات التكامل الإقليمي مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

هذا التوجه الاستراتيجي يفتح آفاقًا جديدة للنمو، ويعزز من دور المغرب كشريك إقليمي محوري.

رغم كل هذه الإنجازات، فإن التقرير لم يخلُ من بعض التحديات المستقبلية التي يجب على المغرب الانتباه إليها. فقد أشار إلى أن البنية التحتية، رغم تطورها، ما زالت بحاجة إلى تحسينات إضافية لمواكبة التوسع الصناعي المتزايد.

كما أن الطلب المتنامي على الكهرباء، خاصة مع التوسع في الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا الحديثة، يستدعي تسريع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة.

ورغم أن المغرب قد انخرط في هذه الورشة منذ سنوات بمشاريعه العملاقة للطاقة الشمسية والريحية، إلا أن الحاجة تتزايد لمواكبة أسرع لتلبية الاحتياجات المرتقبة.

في المحصلة، يعكس التقرير صورة متفائلة عن الاقتصاد المغربي، الذي يواصل تعزيز جاذبيته الاستثمارية، ويؤكد قدرته على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، مما يجعله نموذجًا ناجحًا للتنمية في القارة الأفريقية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى