تعدين الفضاء…سباق الشركات الأمريكية نحو ثروات الكويكبات

تتصاعد التطلعات في الولايات المتحدة نحو استغلال المعادن النادرة الكامنة في الكويكبات، حيث ترى وكالات الفضاء والشركات الناشئة فرصة غير مسبوقة لتحويل الصخور السماوية إلى ثروات يمكن أن تغير الاقتصاد العالمي.
فما بين حلم تمويل طموحات كل أمريكي وإمكانية إحداث صدمة في الأسواق، يبدو السباق نحو الكويكبات محفوفًا بالمخاطر والتحديات التقنية.
في هذا الإطار، يواصل مسبار “سايكي” (Psyche) التابع لوكالة ناسا رحلته المتجهة نحو الكويكب المعدني الذي يحمل الاسم نفسه، في رحلة من المقرر أن تصل إلى مدار الكويكب بحلول يوليو 2029.
وسيكرس المسبار عامين لدراسة تركيب الكويكب، الذي يعتقد العلماء أنه نواة مكشوفة لكوكب بدائي غني بالحديد والنيكل ومعادن ثمينة أخرى قد تصل قيمتها إلى ما وصفته الأستاذة ليندي إلكينز-تانتون من جامعة ولاية أريزونا بـ”تريليونات التريليونات من الدولارات”.
ويكمن الإغراء الاقتصادي في حزام الكويكبات الواقع بين المريخ والمشتري، والذي يحتوي على رواسب ضخمة من البلاتين المستخدم في المحفزات، والكوبالت للبطاريات، والحديد لصناعة الصلب، والذهب للإلكترونيات.
وتشير تقديرات ناسا إلى أن استغلال 10 كويكبات فقط قد يدر عوائد تصل إلى 100 مليون دولار لكل شخص على الأرض، أي نحو 1.5 تريليون دولار إجمالاً.
لكن الطريق إلى تحقيق هذه المكاسب محفوف بالمخاطر. فالإفراط في استخراج المعادن النادرة قد يؤدي إلى انهيار أسعارها، كما يحدث أحيانًا مع النفط، ما قد يوقف شركات التعدين التقليدية ويخل بسلاسل الإمداد العالمية.
رغم ذلك، تواصل شركات ناشئة مثل TransAstra في كاليفورنيا تطوير تقنيات مبتكرة للتعدين الفضائي. تعتمد الشركة على الطاقة الشمسية المركزة لمعالجة الكويكبات الغنية بالمياه، باستخدام أغلفة من البولي أميد لتبخير المواد واستخراج المعادن النقية.
ويصف الرئيس التنفيذي جويل سيرسيل هذه الطريقة بأنها “تشبه استخدام الشمس كمشعل لحام”.
ولا تعتبر هذه المحاولات الأولى؛ فقد شهد القطاع محاولات سابقة مثل Planetary Resources التي تأسست عام 2012 بدعم من شخصيات بارزة مثل جيمس كاميرون وإريك شميت وريتشارد برانسون. رغم إعادة هيكلة الشركة لاحقًا بسبب تحديات التمويل، إلا أنها وضعت حجر الأساس لطموحات التعدين الفضائي.
اليوم، يشهد العالم ولادة جيل جديد من الشركات التي تسعى فعليًا إلى تحويل التعدين الفضائي من خيال علمي إلى واقع تجاري، في سباق يمكن أن يعيد رسم مستقبل الصناعات المعدنية والطاقة العالمية.