انفجار “جيل Z”..صراع الأجيال يكشف عجز الأحزاب أمام مطالب الشارع

في مشهد يكشف عن تحول عميق في الوعي السياسي للشارع، اندلعت احتجاجات يقودها “جيل Z”، شباب لا تتجاوز أعمار غالبيتهم العشرين عاماً، لتفضح الهوة السحيقة بين النخبة السياسية المنشغلة بحسابات الانتخابات وبين طموحات جيل فقد الثقة في هياكلها.
هذه الموجة الشبابية، التي اجتاحت المدن حاملة مطالب تتعلق بأساسيات الحياة، وجهت صفعة مدوية لواقع الأحزاب التي تضع سباق الوصول إلى المناصب فوق أي اعتبار آخر.
تطرح واقعة خروج “جيل Z” للاحتجاج تساؤلات محرجة حول مسؤولية الأحزاب السياسية، خاصة تلك التي تعاقبت على تحمل مسؤولية الحكم.
ففي الوقت الذي تستهلك فيه هذه التشكيلات ميزانيات ضخمة، جزء كبير منها من الدعم العمومي، على ولائم واجتماعات تبدو كمالية، تغيب البرامج والتصورات الفعلية والموجهة لقطاع الشباب.
لقد أثبتت هذه الاحتجاجات أن هناك هوة شاسعة بين قادة الأحزاب الذين يتخذون من العمل السياسي سلماً للترقي وغايتهم كراسي المناصب، وبين شباب يرى أن طموحه قد اصطدم بـغياب الخدمات الصحية الكريمة والتعليم الجيد؛ وهي المطالب المشروعة التي رفعها المحتجون.
وبدلاً من أن تجد هذه الفئة الطموحة متنفساً داخل هياكل الأحزاب، وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع الأمن في الشوارع.
لم تكن ردة فعل قيادات الأحزاب تجاه هذه الاحتجاجات سوى استعراض آخر يفاقم الأزمة. فما إن اشتعلت شرارة الغضب الشبابي، حتى تسارعت القيادات في محاولة لـ”الركوب على الموجة”.
فمنهم من أظهر ما يشبه “دموع التماسيح” متأخراً، ومنهم من هرول إلى الشارع لتسجيل حضور باهت، بينما اختار آخرون إصدار بيانات فورية تندد بالوضع وتدعم الاحتجاجات.
هذه المواقف السريعة تُظهر النفاق السياسي بوضوح، وكأن الوضع الصحي والتعليمي كان “يضاهي سويسرا” قبل هذه الاحتجاجات.
إن محاولات المراوغة و”اللف والدوران” هذه لن تخدم إلا توسيع الهوة بين الأحزاب وبين فئات واسعة من الشعب، فـمسؤولية الأحزاب السياسية قائمة ولا يمكن التنصل منها في تدهور منظومة الخدمات وغياب الأفق لدى الشباب.
في الختام، يبدو أن صرخة “جيل Z” هي بمثابة صفارة إنذار للنظام السياسي الحزبي: إما إعادة بناء الثقة عبر برامج ملموسة تلامس هموم الشباب، أو البقاء في عزلة “الخطابات والمؤتمرات” بعيداً عن نبض الشارع.
إلى متى ستظل الأحزاب أسيرة لصراعاتها الداخلية وتغض الطرف عن صوت جيل المستقبل؟