النحاس يفلت من الرسوم الجمركية.. والألمنيوم تحت ضغط تكلفة الطاقة

أحدثت الولايات المتحدة هزة في أسواق المعادن الأسبوع الماضي بعد قرارها إعفاء النحاس المكرر من الرسوم الجمركية، في خطوة بدت متناقضة مع سياستها السابقة بفرض رسوم تصل إلى 50% على واردات الألمنيوم.
القرار يعكس توازنات دقيقة بين تكاليف الطاقة وضغوط جماعات المصالح التي تؤثر بشكل مباشر في صياغة السياسة التجارية الأمريكية.
فبينما اقتصرت الرسوم الجديدة على منتجات النحاس نصف المصنعة مثل الأسلاك والأنابيب والألواح، ظل المعدن المكرر خارج نطاق الضرائب، مما أدى إلى تراجع أسعار النحاس في بورصة كومكس بأكثر من 20% منذ إعلان القرار.
و في المقابل، لا يزال الألمنيوم المكرر المستورد يواجه قيوداً صارمة منذ يونيو الماضي، وهو ما يمنح دعماً لشركات محلية مثل سينشري ألومنيوم التي اعتبرت أن الرسوم “ضرورة لحماية ما تبقى من صناعة الصهر الأمريكية”.
ويرى خبراء أن التباين في التعامل مع المعدنين يرتبط أساساً بعنصر الكهرباء في تكاليف الإنتاج؛ إذ تشكّل الطاقة نحو 50% من تكلفة صهر الألمنيوم مقابل 30% فقط للنحاس، ما يجعل استمرار صناعة الألمنيوم في الولايات المتحدة صعباً دون تدخل حكومي واسع.
وقد أشار محلل “ماكواري” ماركوس غارفي إلى أن “أي استثمار جديد في طاقات صهر الألمنيوم غير ممكن اقتصادياً من دون دعم كبير”.
من جانب آخر، يعكس إعفاء النحاس المكرر نفوذ قطاع النحاس الأميركي، وعلى رأسه شركة فريبورت-ماكموران، التي حذرت في وقت سابق من أن أي حرب تجارية عالمية قد تضر بالإنتاج المحلي وتهدد استدامته بسبب هيكل تكاليفه المرتفع.
ويُظهر الواقع أن صناعة الألمنيوم الأميركية تواجه تحدياً وجودياً؛ إذ انخفض عدد المصاهر النشطة من 23 مصهراً في 1995 إلى 4 فقط حالياً، مع تراجع الإنتاج من 3.35 مليون طن متري عام 1995 إلى 670 ألف طن العام الماضي، وفق بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
في المحصلة، تكشف القرارات الأخيرة عن استراتيجية مزدوجة: دعم صناعة الألمنيوم المتعثرة عبر الرسوم الجمركية، والحفاظ على تدفق النحاس بأسعار معقولة لتلبية احتياجات الصناعة الأميركية، في توازن يعكس صراعاً بين اعتبارات الكلفة وضغوط جماعات المصالح الاقتصادية.