اقتصاد المغرب

المفتشية العامة للمالية تكشف خفايا صفقات الدراسات العمومية وممارسات تبديد المال العام

في إطار جهودها لمحاربة الإنفاق غير المنضبط ومحاسبة المخالفين، أطلقت المفتشية العامة للمالية عملية تدقيق واسعة تستهدف الصفقات المتعلقة بالدراسات التي طلبتها مؤسسات وهيئات عمومية خلال السنوات الأخيرة، والتي كلفت خزينة الدولة مبالغ ضخمة دون أن تُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

وتكشف المعطيات الأولية عن وجود ممارسات مشبوهة تشمل المحسوبية، تكرار الدراسات نفسها، وصولاً إلى شبهات تبديد المال العام. وقد شرعت فرق المفتشية منذ أسابيع في مراجعة دقيقة لعقود هذه الدراسات، في محاولة لفهم كيفية صرف مليارات الدراهم على تقارير انتهى بها المطاف على رفوف المكاتب دون أي أثر عملي.

ووفق مصادر مطلعة، تهدف هذه العملية إلى رصد مكامن الخلل في تدبير صفقات الدراسات خلال الثلاث سنوات الماضية، حيث تم رصد حالات متكررة لتكليف نفس المكاتب بمهام مماثلة في نفس القطاعات، غالباً من قبل نفس المتعهدين، ما أدى إلى تضخم النفقات العمومية دون مردودية تذكر.

كما أظهرت التحقيقات أن بعض مكاتب الدراسات، بما فيها تلك حديثة النشأة، استحوذت على حصة كبيرة من طلبات العروض العمومية، في وقت تُنفق فيه مئات الملايين من الدراهم سنوياً على مشاريع لا تخدم غالباً القرار العمومي، بل تحولت إلى مصدر للريع.

وتشير المعطيات إلى احتمال وجود علاقات مصلحية بين مسؤولين إداريين ومتعهّدين خاصين، ما مكّن بعض المكاتب من الحصول على صفقات متكررة دون منافسة حقيقية.

ورصدت المفتشية كذلك تقارير تم تسليمها بعد انتهاء الأشغال التي كانت موضوع الدراسة، وأخرى منسوخة من أبحاث جامعية دون إذن أصحابها، فضلاً عن مناولة غير مصرح بها من قبل بعض المكاتب للوفاء بالتزاماتها التعاقدية، ما زاد من تعقيد مسار المراقبة والتتبع.

وفي محاولة للحد من التجاوزات، تم توجيه مذكرة إلى الوزراء والمسؤولين الكبار تشدد على ضرورة الحصول على ترخيص مسبق قبل إطلاق أي دراسة جديدة، مع تفضيل الاعتماد على الخبرات الداخلية للإدارات.

غير أن هذه التوجيهات لا تُحترم في العديد من الحالات، خصوصاً لدى بعض الجماعات الترابية التي تستمر في الإنفاق دون تقييم حقيقي لجدوى تلك الدراسات.

وتفيد مصادر متطابقة بأن لائحة الصفقات المشبوهة آخذة في الاتساع، وأن التحقيقات قد تشمل قريباً برلمانيين ووزراء سابقين أشرفوا على مؤسسات عمومية وهيئات منتخبة.

وتُعتبر عملية التدقيق التي تقودها المفتشية العامة للمالية طويلة ومعقدة، لكنها قد تسفر عن نتائج صادمة، وتطيح بشبكات مترسخة داخل منظومة الصفقات العمومية، بما يعكس جدية السلطات في محاربة التبذير وضمان حسن تدبير المال العام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى