المغرب يتراجع إلى المرتبة الثامنة في مؤشر أسواق المال الإفريقية لعام 2025

كشف تقرير حديث صادر عن مجموعة “أبسا” البنكية الإفريقية بالتعاون مع المنتدى الدولي للبنوك المركزية والمؤسسات المالية الرسمية (OMFIF)، أن المغرب تراجع بمركزين ليحتل المرتبة الثامنة في مؤشر أسواق المال الإفريقية لسنة 2025، حاصداً 56 نقطة من أصل مائة.
هذا التراجع يأتي على الرغم من الجهود الإصلاحية الملحوظة التي قام بها المغرب، كان أبرزها إطلاق سوق العقود الآجلة وتقديم إطار سيادي لإصدار سندات مرتبطة بالاستدامة، وهي خطوات وُصفت في التقرير بأنها “تحول نوعي في تنويع أدوات التمويل”.
ويقيس المؤشر ستة ركائز أساسية تشمل عمق السوق، وشفافية الأنظمة، والنفاذ إلى النقد الأجنبي، والبيئة الماكرو-اقتصادية، والمقاييس القانونية، وتطور صناديق التقاعد.
على الرغم من الانخفاض في الترتيب العام، تمكن المغرب من الحفاظ على أداء قوي في محور “عمق السوق”، حيث سجل 61 نقطة، ليحتل بذلك المرتبة الثانية إفريقياً بعد جنوب إفريقيا.
ويعكس هذا الأداء وجود سوق سندات وأدوات مالية متوسطة التطور، مع الإشادة بإطلاق سوق العقود الآجلة كآلية جديدة لتحسين إدارة المخاطر. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن السيولة في السوق الثانوية ما زالت ضعيفة، ومعدل دوران السندات أقل من المعدلات المسجلة في جنوب إفريقيا.
كما تميز المغرب في ركن “شفافية السوق والبيئة الضريبية والتنظيمية”، مسجلاً 85 نقطة، ليأتي ضمن الدول الخمس الأولى إفريقياً، مؤكداً التزامه بالمعايير الدولية في الإفصاح والإبلاغ المالي وتشجيعه لأدوات التمويل الخضراء والمستدامة.
العامل الأبرز في تراجع الترتيب كان في محور “النفاذ إلى النقد الأجنبي”، حيث هوت نقاط المغرب بتسع نقاط لتصل إلى 56، متخلفاً بذلك عن دول مثل مدغشقر ونيجيريا.
ويعزو التقرير هذا التراجع إلى “تزايد الضغط على الاحتياطي بالعملة الصعبة” في العام المالي 2024-2025، في ظل تقلبات التجارة العالمية وتراجع تدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة بسبب تشديد السياسات النقدية العالمية.
لكن التحدي الأكبر يكمن في ركن “المعايير القانونية وقابلية تنفيذ العقود”، الذي منح للمغرب 25 نقطة فقط، ليأتي في أسفل الترتيب خلف اقتصادات إفريقية عديدة.
وأوضح التقرير أن الإطار القانوني المغربي بحاجة إلى “ملاءمة أكبر مع المعايير الدولية” في مجالات تصفية العقود المشتقة وآليات المقاصة، وهو ما يعتبر شرطاً حاسماً لرفع ثقة المستثمرين المؤسساتيين الدوليين.
وفي ركن “تطور صناديق التقاعد”، سجل المغرب أداءً متواضعاً بـ 37 نقطة فقط، حيث يرى التقرير أن هذه الصناديق لم تصل بعد إلى مستوى يجعلها “مستثمراً مؤسسياً محورياً في تعميق السوق المالية الوطنية”، مشيراً إلى محدودية في أدوات الاستثمار وتوزيع الأصول.
يأتي هذا الأداء في سياق عالمي متقلب يتسم بـ “اضطرابات جيوسياسية وضغط على الاحتياطات من العملة الصعبة” في عدة اقتصادات صاعدة، مما يضع المغرب ضمن الاقتصادات التي يجب أن تسرع إصلاحاتها القانونية إذا أرادت الاستفادة من الفرص المتاحة في سوق الأدوات المستدامة.