العولمة الهجينة..هل هي الحل لأزمات التجارة العالمية؟

يواجه العالم حالياً مخاطر حقيقية من نشوب حرب تجارية بين مختلف الأطراف، نتيجة للسياسات الحمائية التي تتبناها الإدارة الأمريكية الحالية.
لكن هذا التوجه يعد جزءًا من تحولات أعمق تشهدها الهيكلية الاقتصادية العالمية، حيث بدأت تظهر تكتلات اقتصادية متنافسة، مغايرة للتوجهات التي سادت منذ تسعينيات القرن الماضي.
تفضل الشركات الكبرى في الوقت الراهن تنظيم سلاسل الإمداد الخاصة بها في مجموعة من الدول التي تتشابه في قيمها ومصالحها الأمنية والاقتصادية.
وأصبح تأسيس التكتلات بين البلدان ذات الاهتمامات المشتركة أكثر وضوحًا، كما في حالة تحالف “بريكس” الذي يعتمد على التعاون الاقتصادي بين أعضائه.
و في هذا السياق، قدم صندوق النقد الدولي تصورًا جديدًا للنظام الاقتصادي العالمي تحت اسم “العولمة الهجينة”، سعيًا لتجاوز العوائق التي تهدد حركة التجارة الدولية.
ويعتمد هذا النظام على فكرة وجود دول وسيطة تساهم في تسهيل حركة التجارة بين التكتلات المختلفة، مثلما تفعل المكسيك وفيتنام في أمريكا الشمالية وجنوب شرق آسيا، حيث تعدان جسورًا اقتصادية مهمة بين القوى الرئيسية.
يهدف مفهوم “العولمة الهجينة” بشكل أساسي إلى الحفاظ على الروابط المالية بين أكبر اقتصادين عالميين، الصين والولايات المتحدة. ففي فترة العولمة التقليدية، استثمرت الصين فوائضها المالية في سوق الديون الأمريكية، لكن في السنوات الأخيرة، تراجع هذا الدور الصيني، لتحل محله استثمارات من حلفاء واشنطن السياسيين والعسكريين.
شهدت السنوات الأخيرة تغييرات جوهرية في توجيه الاستثمارات، إذ حلّ عدد من الحلفاء محل الصين في تمويل سوق الديون الأمريكية، خاصة في ظل تزايد العجز التجاري بين واشنطن وبكين.
ومع هذا، لم تنجح هذه التحولات في الحفاظ على استقرار العولمة الاقتصادية العالمية، حيث بدأت رؤوس الأموال تتجه بشكل متزايد إلى الأسواق الناشئة في مناطق مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
شهدت الولايات المتحدة اتساعًا في العجز التجاري خلال السنوات الأخيرة، ما دفع العديد من الأصوات في واشنطن للمطالبة بإيجاد حلول لهذه المشكلة، خاصة مع تفاقم حجم الدين العام.
وبرزت هذه التحديات كأحد المحاور الرئيسية في سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هدد بشن حرب تجارية شاملة قد تسرع في تفكيك النظام الاقتصادي العالمي.
تواجه “العولمة الهجينة” تحديات إضافية، أبرزها الانقسام داخل دول الجنوب العالمي نتيجة للمنافسات الجيوسياسية والاقتصادية بين القوى الإقليمية، مثل الصين والهند.
إضافة إلى ذلك، تلجأ بعض الدول الناشئة إلى فرض تعريفات جمركية على المنتجات الصينية، كما فعلت إندونيسيا، لحماية صناعاتها المحلية.
أصبحت الشركات العالمية تجد صعوبة في الاعتماد على التكتلات الاقتصادية فقط لضمان بيئة مستقرة لسلاسل الإمداد، مما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن المستقبل التجاري العالمي.
لذا، بات من الضروري البحث عن نظام بديل يضمن استمرارية حركة التجارة العالمية في ظل التحديات الراهنة، ويمنع تفكك النظام التجاري العالمي.