الاقتصادية

العبء المتصاعد على الدين الأمريكي…لماذا خفض الفائدة لن يكون حلاً سحريًا ؟

تشكل مدفوعات الفائدة على الدين الفيدرالي الأمريكي تحديًا ماليًا متزايدًا للسلطات في واشنطن، حيث تتجاوز تكلفتها تريليون دولار سنويًا، أي نحو دولار من كل سبعة دولارات تنفقها الحكومة، متجاوزة بذلك حجم الإنفاق الدفاعي الحالي.

بالمقارنة، كان الإنفاق على الفائدة قبل خمسين عامًا يعادل نصف ميزانية الدفاع، ما يعكس تضاعف العبء مع نمو الدين العام.

يمثل نحو 80% من الدين الفيدرالي سندات طويلة الأجل تتراوح آجالها بين عامين و30 عامًا، وقد تم تحديد أسعارها عند الإصدار، ما يعني أن أي خفض جديد في أسعار الفائدة لن ينعكس إلا تدريجيًا مع استبدال الإصدارات القديمة بأخرى جديدة.

بينما تتفاعل أذون الخزانة قصيرة الأجل سريعًا مع أي تغييرات في أسعار الفائدة، إلا أن حصتها من إجمالي الدين ضئيلة. لذلك، فإن خفض الفائدة الأخير بمقدار ربع نقطة مئوية من المرجح أن يكون له تأثير محدود على فاتورة الفائدة أو حجم العجز الفيدرالي.

عوائد السندات طويلة الأجل لا تتحرك بالضرورة مع أسعار الفائدة قصيرة الأجل، إذ يأخذ المستثمرون في حساباتهم مخاطر التضخم واستقلالية الفيدرالي والسياسات المالية للولايات المتحدة، ما يرفع تكلفة الاقتراض على المدى الطويل ويحد من تأثير خفض الفائدة على الدين العام.

يقترب العجز الفيدرالي من تريليوني دولار سنويًا، فيما تتجاوز نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 100%، وهي مستويات تقارب تلك التي سجلت بعد الحرب العالمية الثانية، ما يجعل المالية الأمريكية أكثر عرضة لأي تقلبات في أسعار الفائدة.

تدرس وزارة الخزانة الأمريكية خيارات عدة لإدارة الدين، من بينها زيادة الاعتماد على السندات قصيرة الأجل عند انخفاض أسعار الفائدة أو الاستفادة من تراجع عوائد السندات طويلة الأجل لإصدار سندات جديدة لمدة أطول.

كما انتقد الرئيس دونالد ترامب تباطؤ الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، معتبرًا أن ذلك وسيلة مباشرة لتقليص مدفوعات خدمة الدين، وادعى أن خفض الفائدة ثلاث نقاط مئوية يمكن أن يوفر نحو 900 مليار دولار سنويًا، وهو تقدير اعتبره كثير من الاقتصاديين مبالغًا فيه.

و يحذر خبراء الاقتصاد من أن الضغط السياسي على البنك المركزي لخفض الفائدة إلى مستويات منخفضة قد يقوض الثقة في استقلاليته، ما قد يؤدي إلى ارتفاع العوائد طويلة الأجل ويزيد تكلفة خدمة الدين بدلاً من تقليلها.

في المحصلة، على الرغم من أن خفض الفائدة قد يحقق بعض الوفورات في أذون الخزانة قصيرة الأجل، إلا أن تأثيره على الموازنة الفيدرالية والعجز العام محدود جدًا، نظرًا لأن الجزء الأكبر من الدين الأمريكي قائم على السندات طويلة الأجل.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى