الصناعة الجوية المغربية تحقق طفرة تاريخية وتقترب من دخول نادي الابتكار العالمي

أبرزت الصحافة الإسبانية، استنادًا إلى تقارير دولية متخصصة، أن قطاع الصناعة الجوية في المغرب شهد تحولاً استثنائياً خلال العقد الأخير، حيث تمكن من مضاعفة صادراته ثلاث مرات، محققًا نموًا إجماليًا بنسبة 244%، ومعدل نمو سنوي يقارب 13%، ما يعكس التحول الهيكلي الذي يشهده الاقتصاد المغربي نحو الصناعات المتقدمة والتقنيات عالية الدقة.
ووفق ما أوردته صحيفة La Razón، أصبح المغرب مركزاً صناعياً مهماً في مجال الطيران، بعدما نجح في جذب كبار المصنعين العالميين، من بينهم Boeing، Airbus، Safran، Stelia وBombardier.
هذه الشركات العالمية باتت تعتمد بشكل متزايد على المغرب كمحور أساسي ضمن سلاسل الإمداد والتجميع الخاصة بمكونات الطائرات.
ويرجع هذا الإنجاز، بحسب التحليلات الإسبانية، إلى مجموعة من العوامل الجاذبة التي يتمتع بها المغرب، أبرزها القرب الجغرافي من أوروبا، وتوفر اتفاقيات تجارة حرة، واستقرار مناخ الأعمال، إلى جانب كلفة إنتاج تنافسية، وموارد بشرية مؤهلة تم إعدادها عبر منظومات تكوين متخصصة تواكب المعايير الدولية للصناعة الجوية.
واعتمد المغرب في تطوير هذا القطاع على نموذج الصناعات المندمجة، التي تجمع بين مراكز التكوين التقني والمؤسسات الصناعية، ما مكن من إنشاء منظومات إنتاج متطورة تُعنى بتصنيع وتجميع أجزاء الطائرات والمحركات والمكونات الدقيقة، وهو ما شكّل قفزة نوعية نحو التصنيع عالي القيمة.
هذا التطور لم يجعل من المغرب مجرد ورشة لتجميع الطائرات، بل شريكاً نشطاً في سلاسل القيمة العالمية، وهو ما يفتح المجال لتوسيع فرص الشغل وتعزيز الصادرات ذات المحتوى التكنولوجي العالي.
ويأتي هذا النجاح في سياق رؤية استراتيجية يقودها الملك محمد السادس، تقوم على تنويع القاعدة الإنتاجية الوطنية، وتقليص التبعية للقطاعات التقليدية، مع الدفع نحو تطوير قطاعات صناعية حديثة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
ويرى المراقبون أن المغرب يسير بخطى واثقة نحو مرحلة جديدة تتجاوز التصنيع إلى الإبداع والابتكار، مستفيداً من استراتيجيات نقل التكنولوجيا، وتكوين الكفاءات، وإبرام شراكات علمية مع مؤسسات دولية، ما يؤهله مستقبلاً للمساهمة في تصميم وهندسة الطائرات وليس فقط تصنيعها.
بهذه الدينامية، يرسخ المغرب مكانته كـ”قوة صناعية صاعدة” في منطقة البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، ويؤكد قدرته على النجاح في بيئة عالمية شديدة التنافسية، وعلى اقتناص الفرص في سوق صناعة الطيران العالمي.