الاقتصادية

السيارات الكهربائية: بين مخاوف النار وحقائق الأمان المستقبلية

مع تزايد أعداد السيارات الكهربائية على طرقاتنا، يبدو المستقبل أخضر وصديقًا للبيئة، إذ تنقل هذه المركبات الركاب بصمت وأناقة.

ومع ذلك، تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقارير مثيرة للقلق عن سيارات كهربائية تشتعل فجأة، مما يثير تساؤلات حول مدى أمان هذه التقنية الحديثة.

الإجابة المبسطة، المدعومة بالدراسات العلمية، هي نعم. تشير الإحصاءات إلى أن السيارات الكهربائية الحديثة أقل عرضة للاشتعال مقارنة بسيارات البنزين والديزل.

السبب واضح: تحتوي السيارات التقليدية على سوائل قابلة للاشتعال تمر تحت ضغط عالٍ قرب محركات ساخنة جدًا، ما يجعلها عرضة للحرائق عند حدوث تسريب أو عطل.

مشكلة السيارات الكهربائية ليست في احتمال الحريق بحد ذاته، بل في خصائصه الفريدة. حرائق بطاريات الليثيوم-أيون تعرف بـ”الانفلات الحراري”، حيث تنتقل الحرارة بسرعة بين الخلايا، مما يجعل إخماد الحريق مهمة صعبة تتطلب كميات ضخمة من المياه وساعات طويلة، مع خطر إعادة الاشتعال حتى بعد السيطرة على اللهب.

لمواجهة هذه المخاطر، استثمر المصنعون مليارات الدولارات في أنظمة أمان متقدمة تشمل:

  • أنظمة إدارة حرارية متطورة: تبريد البطارية بسوائل خاصة للحفاظ على درجة حرارة مستقرة.

  • برامج إدارة البطارية (BMS): مراقبة كل خلية على حدة وعزل الخلايا المعرضة للخطر.

  • هيكل فولاذي واقٍ: حماية البطارية من الصدمات الشديدة.

  • قواطع تلقائية: فصل البطارية عند وقوع اصطدام لتقليل خطر الكهرباء عالية الجهد.

تثير عملية الشحن المنزلي قلق بعض المستخدمين، خاصة في الظروف الجوية الصعبة. الواقع أن الشحن آمن تمامًا عند استخدام شواحن جداريّة مخصصة (Level 2 Charger) مزودة بأنظمة حماية ضد التحميل الزائد والتأريض.

خرافة الخطر عند الشحن تحت المطر أو الثلج غير صحيحة، فموصلات الشحن مقاومة للماء وفق معايير صارمة مثل IP67. ومع ذلك، يجب توخي الحذر عند استخدام الشحن السريع المتكرر، إذ يولد حرارة أكبر قد تقلل من عمر البطارية.

من المفارقات أن هدوء السيارات الكهربائية كان يمثل خطرًا على المشاة، خصوصًا المكفوفين، عند السرعات المنخفضة.

ولحل هذه المشكلة، فرضت الحكومات أصواتًا تحذيرية اصطناعية تعمل تلقائيًا عند السرعات الأقل من 30 كم/ساعة، لتوفير تنبيه واضح دون إزعاج.

غياب المحرك الأمامي الكبير يتيح مساحة أكبر لمناطق امتصاص الصدمات، بينما يمنح وضع البطارية في أسفل السيارة مركز جاذبية منخفض يقلل خطر الانقلاب.

هذا التصميم يساهم في حصول السيارات الكهربائية على أعلى تقييمات السلامة في اختبارات التصادم العالمية.

لكن هناك تحدٍ آخر: الجهد العالي للبطاريات (400-800 فولت)، القادر على التسبب بصدمات قاتلة. لحماية الركاب وفرق الإنقاذ، تم تصميم أنظمة فصل تلقائي للبطارية، وتم تمييز الكابلات عالية الجهد باللون البرتقالي الواضح.

السيارات الكهربائية أكثر أمانًا من السيارات التقليدية، لكن طبيعة مخاطرها تختلف وتتطلب وعيًا وتدابير خاصة. الثورة الكهربائية ليست مجرد تغيير في مصدر الطاقة، بل إعادة تعريف لمفهوم سلامة المركبات.

مع استمرار الابتكارات في البطاريات وأنظمة الإدارة الذكية وتقنيات الأمان، يبدو مستقبل النقل النظيف ليس فقط واعدًا، بل أكثر أمانًا من أي وقت مضى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى